عالم المخابرات حلقات يكتبهاالاستاذ قاسم محمد الكفائي تروي قصص عن المناضلين في الخارج والذين تم تصفيتهم على يد المخابرات العراقية بالاشتراك مع المخابرات الاقليمية والدولية .
( اللهم خيِّب ظنِّي ولا تقطع رجائي بك يا رب العالمين )بدعائي هذا أبدأ حلقتي الرابعة عسى أن لا أكون موَّفَقا فيها من أجل سلامة زميل لنا عاش وسط زحمة عملاء قنصلية نظام صدام في مدينة كراجي في الباكستان . ما كان يمتلك خزينا علميا أو ثقافيا ولا شطارة كي يفهم ما يدور من حولِه . لقد عاش وحيدا في صمت ووحشة غربته ، قريبا على الأخطار ، بعيدا عن الناصرين حتى غاب ولم يعد له أثر سوى إسمِهِ المجهول على صفحات ذكريات مجهولة . إن تجاربي وولعي في المتابعة في هذا العالم الخطير يُشيران إليَّ بنسبة تسعة وتسعين بالمئة على استشهادِه بأيدي عصابات صدام في كراجي ، ورجائي بالله تعالى لا ينقطع . لقد بدأنا عملا كان مُخبئا في في مكان أمين وفي ذاكرتنا ، لكنه ما كان يمر ببال ولا خاطر عامة العراقيين الذين عاشوا في الباكستان ، المخلصين منهم والمجرمين .
شهيدُ هذه الحلقة هو ( عبد الله محمد ) وكما أعتقد أنه من محافظة الناصرية ، وكان ينتسب الى الجيش العراقي ( مطوّع ) . وصل الى الباكستان قادما من أيران ليستقرَّ في مدينة كراجي ، فعمل من أجل العيش الصعب أستاذا للغة العربية وقراءة القرآن الكريم في عدّة جامعات إسلامية ( مدارس ) . لكنه انتقل لمدة قصيرة الى مدينة اسلام آباد وراولبندي ثم عاد الى كراجي . رجل ذو خلق ورزانة ، ويَتسِم بالبساطة والتواضع في النفس والمعرفة ، وهو قروي الطِباع قبل أن يكون مدني . ليس هناك من العراقيين في إسلام آباد وراولبندي يعرفه بهذا الأسم على الأطلاق غيرأسمِه المتداول ما بينهم ، هو( عَبد رَشوَه ) . هذه التسمية تلاحقه أينما ذهبَ بسبب بلادتهِ وحبِ الناس له في آن واحد . كما أنه غيرُ معروف في هذين المدينتين إلا لدى القليل من العراقيين الذين دخلوا الباكستان منذ عام 1987. وكما قلنا هو يسكن مدينة كراجي . سبب هذه التسمية يُقال عنه ذاتَ يوم حضَر الى مكتب الأمم المتحدة للتحقيق معه لغرض قبوله كلاجىء وأثناء الحديث مع المحقق عرضَ عبد وبواسطة المترجم الذي كان معهما بعض المال كرشوة مقابل قبوله لاجئا على ذمة المكتب . منذ ذلك اليوم ولسنين خلت نسميه عبد رشوه . كذلك أسم محمد عبد الله قد يكون غير صحيح لأن كثيرا من العراقيين غيَّروا أسمائهم في المُغتَرَب . كان محمد أو عبد رشوه بنُ الأربعين ، أسمر اللون ، شعر رأسه أسود ، شاربه أسود ، جسمه يميل قليلا الى البدانه مع أنه متناسق ، متوسط القامة ، هادىء الطبع ، مُتَزِن ، غير مُتعَلِم ، ولا يستطيع قراءة سورة الفاتحة كما هي أبدا . صار معلما في المدارس الباكستانية لأنهُ عربي ومن بلاد العراق ، هكذا يعتقد الباكستانيون . وصلتُ الى معرفة هذا الأسم ( محمد عبد الله ) من مصدر يعمل ضمن التشكيلة المجرمة في آخِرِ شهر أوكتوبر من عام 1989 بطريقة أدلَّتني فيما بعد على قتله من قبل عصابات القنصلية العراقية في كراجي حسب تلك النسبة التي ذكرناها . فبعد شهر من هذا التأريخ قرأتُ عليه وبصمتٍ مُطبق سورة الفاتحة ، وحزنتُ كثيرا عندما غاب نجمُه وضاع أثرُه ومَسَحتهُ الدنيا حتى من ذاكرة العراقيين الذين عاشوا في واقع الأغتراب المُر . حساباتي هذه لها معنى ولها رابط واستدلال على أنه استشهد على أيدي قتلة مجرمين . فكلّ ما أحاول أن أقنعَ نفسي أن محمد عبد الله على قيد الحياة لا أستطيع . وفي كل الأحوال فأن قاتله أقرب إليَّ من ( قيطان حذائي ) . أقولها عندما أبقى مولعا في الخوض بلا هوادة في عالم الغرابة والخوف ، عالم المخابرات .
ملاحظة :
* تصلني من أخوتي القرّاء رسائل بريدية تحمل هموم قضايانا وقد وصلتني رسالة واحدة كانت مُخجِلة كون مضمونها لا يليق وحجم الجريمة موضوعة بحث الحلقة الثانية التي ارتكبتها مخابرات صدام التكريتي في مدينة كراجي الباكستانية . نأمل من كاتبها أن يكون رشيدا ووجيها وأن يحترم مشاعر الآخرين .
* الأخ رياض الزبيدي كتب رسالة على شبكة أخبار النجف الأشرف وهو المتفضل يُشخِصُ فيها قاتل الشهيدين موضوعي بحث حلقتنا الثانية 00000 فقط أرجو من أخي رياض أن لا يعاملني بما لا يفهمه هو . وأقول له قد تكون من خلال طرحك أنك في وادٍ وأنا في وادٍ آخر ، ولو كنتُ أعرف أنك والكثيرين ثم الكثيرين يعلمون لما تجرأتُ ومسكتُ قلمي . أتمنى أن نكون عند حسن ظنك . الى لقاء في حلقة قادمة .
قاسم محمد الكفائي
كاتب عراقي - كندا
https://telegram.me/buratha