قاسم العجرش
هذا السؤال كانت إجابته مؤجلة منذ 2005، مرة بدواعي الأضطرابات الأمنية، ومرة بالتهديد الخارجي، ومرة أخرى لإعطاء فسحة زمنية، لنمو طبيعي للأحزاب، كي يكتمل المشهد!
بيد أن أمراضا داخلية تعاني منها الأحزاب، غير موضوع التمويل، تقف وراء تأخر إقرار قانون الأحزاب؛ أو حتى مناقشته!
الحقيقية أن الأمراض التي عنيناها، لا يختص بها حزب سياسي بعينه، لأن معظم الأحزاب والقوى السياسية العراقية، تتماثل في أوضاعها الداخلية، مع الدكاكين أو مكاتب المقاولات، إذ لا يجمعها بالسياسة؛ إلا الأسم والعنوان العام، أما في التفاصيل؛ فهي شركات مساهمة لبضعة شخوص، إحترفوا اللعب في سيركٍ ليس ممتعا!
أحزابنا تتحرك بعقلية مغرقة بالتخلف، وتنتهج مسلكيات، لا تمت بصلة إلى منهجيات العمل الحزبي الحقة المتعارف عليها عالميا، لذلك فهي تستهين بكل شيء، وفي مقدمة ما تستهين به: تطلعات ومطامح المواطن، الذي ضاق ذرعا بأفعالها وتصرفاتها، وبالنتيجة فإن كل الأماني والمرامي، تبقى في حكم العدم، ومؤجلة إلى زمن سياسي لاحق، قد يأتي وقد لا يأتي..
الأحزاب تكتنفها ركامات كبرى من الاعتلالات، ليس أقلها غياب البرامج، وإن وجدت فهي ضعيفة هزيلة، فضلا عن أن تواصلها مع أعضائها، وورائهم الجماهير، تواصل موسمي أو مناسباتي، مرتبط فقط بزمن الاستحقاق الانتخابي!
مازالت معظم الأحزاب تتعامل مع الديمقراطية الداخلية، بمنطق إدعائي وشعاراتي فقط في أغلب الأحيان، حيث لم تنفك عن الأسلوب السلطوي للقيادة، مع إقصاء القواعد الحزبية، التي تشكل الشريان الحقيقي، الذي يمد الحزب بالنشاط والحركية والديناميكية.
إن وضع أغلب الأحزاب التنظيمي؛ يتصف بهشاشة تنظيمية داخلية، فهي تعاني من ضعف مستديم، على مستوى الالتزام السياسي، وفقر دم فكري تحول الى مرض دائم..مع شيوع الترحال إلى هنا وهناك، بحثا عن الكلأ السياسي!
تتحكم نظرية المؤامرة في عمل أحزابنا السياسي، وبعلاقاتها مع القوى الأخرى، مع أن نظرية المؤامرة، أكثر نظريات العمل السياسي خيبة!
حتى على صعيد بنيتها التنظيمية؛ فإن الشكوك تسود، وتتفشى عقلية رجل الأمن في التعامل الداخلي، كل يشك بكل، وكل يخاف من كل!..
أشد أمراض الأحزاب فتكا، هو طغيان العمل في الكواليس، أو الحقل الضمني، الذي تدار فيه قواعد اللعبة مع السلطة، وفق منطقي التوافقات والتنازلات!
الحاضرة دوما في أحزابنا هي الخلافات الشخصية، بدل تنشيط ثقافة الاختلاف التي تعطي القوة والمناعة، ولذلك تشهد االعملية السياسية، عدم إمكانية تعايش التيارات الحزبية، كما تتشكل تحالفات واصطفافات اضطرارية وقسرية، تقع تحت وطأة فروض المصالح الحزبية الضيقة، أو تنجم عن إكراهات العمل البرلماني، تحت قيد ضرورة تكوين فريق برلماني.
كلام قبل السلام: هذه بعض العلل، وبعضها كاف لأن يحيل العملية السياسية برمتها الى ركام!..
سلام..
https://telegram.me/buratha