قاسم العجرش
ثمة من يعتقد أن الموازنة، وسائل مالية واقتصادية تسير الدولة بواسطتها، شؤونها لعام قادم حسب، فيما يرى غيرهم، أنها ترتيبات مالية لإستمرار الحياة في بلد ما، بيد ان غير هؤلاء وأولئك، من يرى في الموازنة فرصته السياسية، التي يمكنه بواسطتها، كسب مثابات سياسية جديدة.
الحقيقة أن الإشتباكات السياسية بشأن الموازنة، تسببت على الدوام؛ بوضع إستثنائي مر به العراق طيلة السنوات المنصرمة، فقد كانت الموازنة تقر بعد مرور بضعة أشهر، على بدء السنة المالية، ويكون العراق خلال تلك الأشهر مسرحا للمناكفات والمزايدات السياسية، التي وبمرور الأعوام، أوصلنا الى عام2014، حيث تم تسيير الدولة خلاله بلا موازنة، وهو وضع إستثنائي، لم تمر به دولة من دول القرن العشرين، فضلا عن قرننا هذا!
لقد مضى عام 2014 ثقيلا على العراق، بكل مخرجاته السياسية والأقتصادية والمالية، بل والوطنية أيضا، حيث خسرنا مساحات واسعة من ارضنا، تحت الإحتلال الوهابي.
لقد كان 2014عام الرماد، وربما كان الأسوأ في تاريخ الدولة العراقية الحديثة، من حيث الأدارة المالية، وهي حقيقة لا يمكن القفز عليها، تحت أية ذريعة.
إن مفهوما يرى في الموازنة ترتيبات مالية، لإستمرار الحياة في بلد ما، لهو مفهوم مقبول إبتداءا، لكنه بحاجة الى أن يتطور، الى حيث تتحول فيه الموازنة، الى وسيلة تراكمية لبناء المستقبل.
إن لدينا نوعين من القوى السياسية في مشهد الدولة، وهي القوى المتشاركة والقوى المشاركة، وثمة فرق كبير بين الشراكة والمشاركة، لكن إزاء الموازنة لا يصح وجود هذا التقسيم، وعلى كل القوى السياسية أن تنظر الى الموازنة، بعين الشراكة لا بعين المشاركة، بمعنى أن يتم النظر، بعين المسؤولية والواجب، لا بعين الحصاد وجني المكاسب!
إن شعبنا وصناع الرأي فيه، ووسائل الإعلام الوطني، تراقب المشهد السياسي، وتنظر الى ما يدور حول الموازنة، من نقاشات في البرلمان وخارجه بعين المراقبة، سيما وأن هذه النقاشات تشهد إرتباكا واضحا.
من المؤكد أن الإرتباك الذي نعنيه، هو جزء من الإرتباك المؤسسي، وثمة أسباب عديدة له، بعضها شكلي، وبعضها موضوعي، وثمة أسباب شخصية وأخرى سياسية، لكن من بين أسباب الإرتباك، أن هناك من يتحدث عن الموازنة، وهو غير معني بها، فقط يتحدث من أجل أن يقال أنه قد تحدث، وبعضهم يتحدث دون أن يطلع على تفاصيلها!
كلام قبل السلام: إذا أستمر الإرتباك فى المشهد السياسي، فإن الخوف من أن نكون على وشك الانتقال إلى مستقبل مقلق، يكون مشروعا، وإذا ما اندفعت القوى السياسية طائعة أو مكرهة، إلى مستوى أعلى من التصادم السياسي، سيكون عام 2015 مثل الذي سبقه ماليا، أي بلا موزانة، وسينفتح الباب على خسائر أخرى لا نعرف مداها!
سلام..
https://telegram.me/buratha