أبو هاجر رجل مسن, لا يقوى على العمل, وزوجته مصابة بالسرطان, وهو لا يقدر على ثمن علاجها, يراجع دائرة الرعاية منذ عام, عسى إن يحصل على المعونة الشهرية, لكن الروتين تارة, والمحسوبية تارة أخرى, جعلت الحق حلما, فلا يجد هذا المسن من الحياة, إلا العوز والفقر والحاجة, قطار العمر مضى, وهو يسكن أغنى المدن بثروات باطنها, والأكثر فقرا بين محافظات البلد.
حال أبو هاجر يشابه الآلاف, من سكنة محافظات الجنوب, فقر يضرب فئة واسعة, وطبقية متنامية, ولا صوت يعلو لإنصاف الفقراء.
بفعل التشريعات الغير عادلة, والنظام المؤسساتي الفاسد, أنتج لنا واقع مؤلم, كان سعي أهل الخير, للتفكير بحل جذري, لمشاكل المحافظات غير المنتظمة بإقليم, فكانت فكرة اللامركزية هي الحل الأمثل, عبر قانون21, لكن كان القرار رقم واحد لعام 2014 ,هو القضاء على الحلم, فلا مكان إلا لبقاء منظومة الفساد, وتنامي جسد المافيا, مصالح بنيت على مصالح, في تسلسل هرمي قبيح.
الفقر والتخلف كله نتاج المركزية المقيتة, التي جعلت التأخر هو السمة الأبرز لها, فالمركزية دفعت بالصورة لتتحول لألوان القبح, مؤسسات وجدت لخدمة فئة معينة, أموال التخصيصات السنوية تتبخر, إعمال لا تنجز, برامج متخلفة للمؤسسات, بفعل فاعل ضاعت الفرصة على التقدم, حيث عمل على تعطيل حبل الإنقاذ, من حفرة الفقر الكبيرة. سعى اتجاه من يمسك مقاليد الحكم, إلى تسخير أي منجز له, كي يكسب تأييد الجماهير,ومن جانب أخر كان يهدف إلى تضييع الحقوق وزيادة الخناق, كي يحتاج الشعب للمنقذ, ويعيش أسير فكرة القائد الضرورة, مما جعله يقف بالضد من تطلعات الجماهير, للخلاص من صحراء الضياع, سنوات عجاف تلك التي مرت على البلاد, والفقراء تضغطهم رحى الحياة ضغطاً.
فكان اتجاه المجلس الإسلامي الأعلى, للدفع بالحل لأرض الواقع, عبر قانون يعطي صلاحيات اكبر للمحافظات, من خلال القانون يمكن ردم الهوة , وحل مشاكل الفقر, والنظرة برؤية اكبر للمستقبل, حتى إمكانية تشريع قوانين خاصة بالمحافظة, لتنظيم حياتهم وإعمالهم, لكن الحالم بالخلود مع الكرسي, عمل على الطعن بالقانون, كي يستمر سيطرته على الواقع, حتى لو تحول إلى ركام.
الأنانية أحيانا تكون هي الحصن المانع, لرؤية ضوء الحقيقة, وهي لا تتناسب نظامنا ألتعددي, الذي يؤمن بالرأي والرأي الأخر, لذلك انتصرت إرادة أهل التغيير أخيرا.
https://telegram.me/buratha