قاسم العجرش
ماذا يحدث إذا ختمنا جميعاً أفواهنا، مما الذي ستئول اليه أحوالنا، أذا أُرغمنا على أن نغط في نوم عميق؟!
ما الذي سيحصل، إذا تعين علينا قبول فاجر فاسق، تسلط على رقابنا ؟!.ليس قبولا بالصمت مثلا، بل يفترض بنا أن نكون إيجابيين جدا، فنبايعه على أننا خولا وعبيدا له، وأن علينا أن نفرح بهذه العبودية ونصفق لها!
هذا هو حال الأمة عشية محرم عام 61 للهجرة، وما زال فيها بقية الصلحاء من الصحابة، وأهل بيت النبوة، هذا حالها؛ وما زالت ذكرى رسول الأمة، صلواته تعالى وسلامه عليه وعلى آله ندية.
اليوم ليس من بد، لأن يطرح سؤال محوري، عن طبيعة الذي يجري في ساحة الإسلام آنذاك، وهخل له علاقة بما يجري اليوم؟
سؤال كبير؛ بأي وجهة نظر عقلائية، تخدم مستقبل الأمة ودولتها، كان يجري القبول بالأشتراطات التي أعلن عنها معاوية، حين أخذ البيعة لولده يزيد؟..على الأقل ليس على المستوى الاستراتيجي، بل على المستوى الآني..هل كان معاوية، يسعى لبناء "دولة" حقيقية تقود الأمة، وفقا للخطوط العريضة التي وضعها القرآن، أو وفقا للتفصيلات التي تركها فينا من نزل عليه القرآن؟ أم أن معاوية كان يسعى لبناء "إمارة" لإبنه وأحفاده، يرتعون في مرابعها برخاء، ويعيشون أيامهم ببذخ بأموال "الرعية"، وإن بإرغام "الرعية" على الطاعة بسفك الدماء؟!
يخرج بعدها سؤال جوهري، هو الذي أجاب عنه، المفكر العربي عباس محمود العقاد بقوله: (رغم كل الثورات التي استهلها الإمام علي، بدمه ودم الشهداء من أبنائه، في مقارعة الظلم عبر التاريخ، إلا أن تيار الملك بقى مستمرا وقويا، فلولا غياب العدالة الإجتماعية، لما ثار مظلوم على ظالم، ولما بقى المثال النبوي والأئمة من بعده، رمزا ومنارا حيا في كربلاء)..
بعد أربعة عشر قرنا، يحق لنا أن نتحدث عن الصراع الذي قام آنذاك، وما زال مستمرا وبزخم أقوى، لأننا على يقين أن مباديء الصراع القائم اليوم، بيننا وبين شانئينا هي نفسها، ولم تتغير قواعد الإشتباك معهم، برغم كل هذه القرون.
لقد كان صراعا سببه إختلاف الرؤية لبناء الدولة، وليس حول الدولة ذاتها؟ وهو صراع بين منهجين لا ثالث لهما، بين من يريد بناء "دولة" الأمة، وبين من يريد بناء "إمارة" الفرد..وبلغة عصرنا صراع بين من يسعون لبناء "دولة المواطنين"، وبين الذين يعملون على بناء "دولة المسؤولين"..
كلام قبل السلام: كان التاريخ في مفترق طرق، فأما ينتصر نهج نظام الجماعة، الذي يتزعمه الإمام علي ومن بعده الحسين عليهما السلام، أو ينتصر نظام الفرد الذي يجسده معاوية ومن بعده يزيد عليهما لعائن اللاعنين، وهكذا دخلنا في الصراع الدائم بين منهجين متضادين..
سلام...
https://telegram.me/buratha