المقالات

تركية روسية بين التقارب اوالتباعد ايُّهما الغالب

1056 20:50:58 2014-12-03


شكلت الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى تركيا منعطفاً في سبيل تطوير العلاقات بين بلديهما ولكن طغت عليها الجانب الاقتصادي والتبادل التجاري والذي يبلغ 33مليار دولار وهم يسعون الى رفعها الى 100مليار دولار لغاية سنة 2020مع العلم انها شهدت انخفاضاً يعادل 20%في عام 2014 كما ان الجانب التركي يسعى لاعطاء تسهيلات اكثر من جانب التبادلات التجارية والسياحية هذا العام ودعمهما ورفع الرواديد لاستقطاب السواح الروس الى بلدهم.

تاريخ العلاقات الروسية التركية تتميز بالتعقيد على مر العصور والازمان فتارة تتراوح بين تقارب واخرى تباعد على مدار القرون الماضية فرغم ان العلاقة شابتها الكثير من المطبات والحواجز ، لكن الجانبان يحرصان على تمتينها والحفاظ على مستوى معين من التقارب حماية لمصالحهما المتبادلة وقد شهد التاريخ لحظات فارقة في مسار الروابط ولكن لم تدم طويلاً واثرت فيها توجهات القيادات السياسية في البلدين ، ويتعلق الثاني بحجم الارتباطات الدولية والاقليمية ، ويتحدد الاخر في ضوء طبيعة القضايا والمشكلات الخلافية بينهما في امور اسيا الوسطى والجيران .

ان طبيعة الموقع الجغرافي لتركيا هي التي حددت عبر التاريخ بشكل ومسار علاقاتهما مع دول الجوار فهناك ميراثاً تاريخياً من الخلافات مع بلدانها ولكن هناك حقائق جلية وواضحة لايمكن العبور عنها في الخلافات وتباين في مواقفهما وسيادتهما حيال بعض القضايا الاقليمية وفي مقدمتها الازمة السورية . رغم ان روسيا ترى في تركيا منفذاً جديداً على المنطقة العربية والاسلامية واسيا الوسطى في ظل الصعود الاسلامي والتي وضعت روسيا نفسها في وضع مواجهة معه.

فترى ان تركيا شريك اقتصادي وسياسي مهم في المنطقة بسبب موقعه وتاثيرها العميق إلا ان تبقى العقدة السورية والتي تلعب تركيا فيها دوراً خطيراً بعد ان تورطت في هذه الازمة سياسياً وعسكرياً والتي تعتقد روسيا انها تشكل تهديداً لامنها والمنطقة ككل واصرار حكومة الرئيس رجب طيب اردوغان على اسقاط النظام فيها وعدم قبول الحل السلمي من اجل تسوية امرها وانهائها تمثل قلقاً كبيراً لروسيا في جعل اراضي هذه الدولة الجارة قاعدة وممراً للتنظيمات الارهابية المتشددة التي تتصارع مع الحكومة السورية ، ومن الجانب الايديولوجي فأن تطلعات تركية التي لها علاقة بالعثمنة الجديدة من خلال تسويق نموذجا لها في المنطقة ، تؤرق روسيا التي تخشى من تفجير سلسلة من المشكلات الاجتماعية والسياسية والدينية وتحديداً للجمهوريات الاسلامية في اسيا الوسطى والغنية بالنفط والغاز التي تشكل قيمة استراتيجية لها وتطلعاتها الاقليمية فتخل بالمعادلة الجديدة التي تعمل روسيا عليها في حفظ المصالح المشتركة على اسس قانونية وضمن المواثيق الدولية واحترام استقلال الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية من قبل الغرب.

وتبقى العلاقات السياسية في حالة من الشك وعدم الثقة في ظل اصرارالتركي على تغيير المعادلات الاقليمية والاعتماد على سياسات الاطلسي والتي فقدتها وابتعدت عنها في الاونة الاخيرة اثر مطالب تركيا بفرض حصار جوي ومنطقة حائلة في سوريا والتدخل العسكري مما تشكل تهديداً للتحالفات الموجودة ضد ما تخطط امريكا لاقامة شرق اوسط جديدة والتي تقف دول المنطقة القوية مثل ايران في الضد منها وضرورة ايجاد حل سياسي سلمي بالحوار والتوافق بين السوريين على المرحلة الانتقالية والانخراط في اتفاقات سياسية جديدة تحفظ الامن والاستقرار في هذا البلد ويوقف نزيف الدم فيه وقد ساهم الاندفاع التركي نحو الحلف الاطلسي في وحدة السياسة الروسية الايرانية العراقية تجاه الاصرار على قبول الحلول السلمية وعدم السماح للتدخل العسكري لابعاد المنطقة عن حرب ضروسة لايعرف نهايتها.وزيارة الرئيس الروسي بوتين الى تركيا وسط خلاف الجانبين حول الازمة السورية والحسابات الاستراتيجية حيث يمكن القول انه من الاستحالة ان تتخلى روسيا عن حليف وشريك مهم يشكل قيمة امنية عالية لها وتبقى الازمة قنبلة قائمة طالما ان تركيا تصر على موقفها من سوريا .

واذا ماعلمنا ان النظام في سورية نجح في الصمود امام الجهود الرامية لاسقاطه على الرغم من مروراكثرمن ثلاث سنوات من بدء الازمة بفضل التعاون الروسي الى جانب الموقف الدولي المنحاز معها متمثلاُ بالصين وايران والعراق اعطاها مفهوماً اصطفافياً اقليمياً ودولي تجاه الازمة وجعل من الخيار العسكري بمثابة مغامرة مدمرة قد تفتح المنطقة على حرب ابادة تسري الى العالم حتى اجبر حلف ناتو للتعامل مع هذه القضية بحساسية كبيرة وخاصة بعد ان انحرفت عن مسارها واستراتيجيتها ولنشوء قوى متطرفة مثل (داعش )التي تعتاش على العون التركي فجعلها تتراجع عن سياساتها في اطارها الاقليمي والدولي .

كما ان تركيا لم تنحج حتى اليوم في إقناع الغرب بأهمية تحسين علاقاتها مع روسيا وأن هذا التقارب والانفتاح لن يكون على حساب دورها الأساسي في حلف شمال الأطلسي والتزاماتها الغربية وستجد صعوبة فائقة في إقناعهم بعد هذه الساعة باستراتيجيتها السلمية في منطقة البحر الأسود عبر تقاسم النفوذ مع روسيا هناك واشتراكها في مشاريع بحر قزوين وخطط إمدادات الطاقة المنطلقة من أذربيجان وجورجيا نحو أوروبا الغربية.

ويمكن الاشارة ايضاً ان القضية السورية ليست الوحيدة للتوتر فثمة عوامل اخرى تضاف يمكن ان تساهم في حدة التوتر بينهما ومنها الملف النووي الايراني اوعلى صعيد الموقف من العراق في ظل التدخل في شؤونه الداخلية انطلاقاً من ابعاد ايديولوجية وتطلعات سياسية تركية تاريخية دفينة مرعليها الزمن لا مكان لها اليوم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك