مراجعة بسيطة الى البيان الذي وجهه الإمام السيد السيستاني، في 2-9-2006 الى رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي بعد زيارة الأخير؛ تعرف الأسباب الكامنة لرفض المرجعية إستقبال المسؤولين الحكوميين، وأصرارها على التغيير والإصلاحات، والتدخل بشكل مباشر والإفتاء بالجهاد الكفائي، بعد إغراق العراق في مستنقعات الفساد والإرهاب؛ حتى صار إسماً لا معاً في بورصة الدول الفاشلة.
المرجعية لم تستقبل المسؤولين منذ 4 سنوات، تعبيراً عن رفضها للأفعال السياسية وفشلهم في مواجهة التحديات، ولا نتائج من إعلانهم الخطط بعد الزيارات ونقضان الوعود.
السيد السيستاني ركّز في تلك الزيارة، على القضايا التي تمّس حياة المواطن بصورة مباشرة، لا سيما الأمن والخدمات، وشخص مكامن الخلل وقصور الخطط الأمنية، وطلب بناء القوى الأمنية على أسس وطنية سليمة، وإختيار العناصر الكفوءة الصالحة، وتزويدها بالمعدات المتطورة، وجمع الأسلحة غير المرخصة وحماية أرواح المواطنيين.
المرجعية متأملة من تقصير الحكومة في الخدمات الأساسية، التي لم تُعطى الأولوية، لا سيما الكهرباء والوقود، وعدم بذلك أقصى الجهود لتخفيف معناة المواطن، وشيوع داء إستغلال السلطة العضال، الذي سبب ضياع موارد الدولة، مشددة على أن يأخذ القضاء دوره في محاسبة المفسدين ومعاقبتهم في أسرع وقت، وتسهيل الإجراءات، التي تعيق نتائج تحقيقاتها أسباب سياسية.
حديث السيد السيستاني عن مواقع المسؤولية، أفترض العمل وفق توقع المواطن المحق، بأن يرى أعضاء مجلس النواب وكبار المسؤولين، يشاطروه مصاعب الحياة، ويتشبهون بالإمام علي عليه السلام الذي يقول: ( أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدهر أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش؟)، في إشارة الى الإختلاف الفاحش في سلّم الرواتب؛ وإرتفاع نسبة الفقر، ورواتب الموظفين لا تفي بمتطلبات العيش، وغياب العدالة الإجتماعية وإبتعاد المسؤول عن جماهيره؟!
أما المصالحة الوطنية وتفعليها؛ إفترض أساس القسط والعدل ونبذ العنف الذي يقصد منه مكاسب سياسية، وإحترام إرادة الشعب العراقي والدستور، لضمان تشكيل الحكومات والتبادل السلمي للسلطة.
ما ذكرنا توجيهات المرجعية عام 2006م، لم تأتي أيّ ثمار خلال عمل مسؤولين خدعوا شعبهم، ولم يحترموا الإرادة والمطالب والرأي السديد، وكانوا عائقاً أمام بناء العراق منذ ذلك التاريخ، واليوم نجني ثمار التخبط وسوء الإدارة والمحسوبية والفساد وغياب العدالة الإجتماعية، وتهاوي الأمن وتفتت المجتمع، بإستخدام المصالحة والصلاحيات لإغراض سياسية، وإعادة كبار ضباط البعث المتورطون في دماء العراقيين، الى قيادة القوات الأمنية، وفسح مجالات الفساد دون رقيب، بتستر وتغاضي أو شراكة؟!
لا تختلف القوى التي تثير الفوضى السياسية والفساد، عن أهداف داعش، وتلتقي في نقطة ضياع العراق وإراقة دماء ابنائه وهدر أمواله، الى حد رفض المرجعية الزيارات، والمطالبة بالتغيير ومنع التشبث بالمناصب، وتلتقي أيضاً مع داعش بالوقوف ضد المنهج التصحيحي لهذه الحكومة، ومحولاتهم المستمرة لمنع تطهير المؤوسسات والإصلاح وكشف المفاسد، التي ترعرت في المنطقة الخضراء؟!
المرجعية لا تريد أن تكون غطاء للفوضى وغياب الإستراتيجية، وبروز الإرتجالية والمحسوبية وشيوع الفساد.
الفتوى التي فاجئت العالم؛ أوقفت الهجمة البربرية من الزحف على بقية مدن العراق؛ وعرّفت العالم بالإسلام الحقيقي كما وصفها رئيس الوزراء الإيطالي، أما إستقبال السيد العبادي أشارة الى قبولها بهذه التشكيلة الحكومية، وإعادة التوجيهات التي فشلت بها سابقتها، وإسكات الأصوات التي لا تزال تنادي بأن من لا يقف مع ولايتها داعشي، متناسين دروها في إشاعة السلم الأهلي، ولولاها لوصلت داعش الى عمق المنطقة الخضراء، ولاحقت أموالهم في دبي وطويريج، بل أن المرجعية تتابع وتثق بجهات سياسية، قالت عنها إنها تعمل لمصلحة العراق بحكمة، لا تلك التي تعمل للمصالح الشخصية والعائلية.
https://telegram.me/buratha