الولايات المتحدة شنت هجمات صاروخية على معاقل تابعة للقاعدة في شمال غربي سوريا في 23 سبتمبر/أيلول الجاري.
قبل فترة قصيرة من شن الولايات المتحدة وحلفائها غارات جوية على مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" في أنحاء سوريا الثلاثاء، أطلقت صواريخ كروز من بارجات أمريكية في الخليج والبحر الأحمر لتضرب منطقتين غربي مدينة حلب.
لم تكن الأهداف هي قادة "الدولة الإسلامية"، الجماعة الجهادية التي أعلنت إقامة "خلافة" في مساحات واسعة من سوريا والعراق تخضع لسيطرتها. لكن الأهداف كانت مسلحين مرتبطين بالقاعدة تقول الولايات المتحدة إنهم أنشأوا ملاذا لهم للتخطيط لهجمات على الغرب.
واستهدفت الصواريخ معسكرات تدريب ومصنع متفجرات ومركز اتصالات ومنشآت للقيادة والسيطرة تابعة لما تطلق عليه واشنطن "جماعة خراسان".
وحتى ذلك الحين، لم يكن تتوفر سوى معلومات قليلة عن هذا التنظيم الغامض، لكن دبلوماسيين أمريكيين اطلعوا على معلومات سرية تتعلق به.
وقال وزير العدل الأمريكي إريك هولدر لموقع ياهو نيوز الإخباري "لدينا معلومات عن هذه الجماعة منذ عامين".
وأضاف "لقد استهدفناهم الليلة البارحة خشية اقترابهم من موعد تنفيذ بعض المخططات التي أطلعنا عليها".
بعيدة عن الأنظاريعتقد بأن مسلحي جماعة خراسان اندمجوا في صفوف مقاتلي شبكة النصرة المرتبطة بالقاعدة في سوريا.
ويعتقد أن جماعة خراسان، وهو الاسم الذي صاغته على ما يبدو الولايات المتحدة، تضم نحو 50 من المسلحين المتمرسين من أفغانستان وباكستان، اللتين يطلق عليهما الجهاديون بلاد خراسان، بالإضافة إلى آخرين من شمال أفريقيا والشيشان.
وقال مسؤولون أمريكيون إن مسلحي خراسان أرسلوا إلى سوريا بأوامر من زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، ليس لقتال حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، لكن "لتطوير هجمات للمتشددين، وتصنيع واختبار عبوات ناسفة وتجنيد غربيين لتنفيذ عمليات".
ويعتقد بأن هؤلاء المسلحين اندمجوا في صفوف تنظيم النصرة التابع للقاعدة في سوريا، وحصلوا على أراض ومبان في معاقله.
وانتقل العديد من القادة المخضرمين في القاعدة، ومن بينهم المتحدث باسم النصرة أبو فراس السوري وزعيمها العسكري أبو همام السوري، إلى سوريا خلال العام الماضي، وظهروا في مواد دعائية للنصرة.
ويعتقد أن الزعيم المزعوم لخلية خراسان محسن الفضلي وصل أيضا إلى سوريا العام الماضي، لكنه كان حريصا على عدم الظهور بشكل بارز.
وكان الفضلي، وهو مواطن كويتي يبلغ من العمر 33 عاما، أحد المقربين من زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، وأحد نشطاء القاعدة القلائل، الذين أبلغوا مسبقا بشأن هجمات سبتمبر/أيلول على الولايات المتحدة في عام 2001، بحسب ما ذكرته الولايات المتحدة.
وفي عام 2005، قالت وزارة الخزانة الأمريكية إن الفضلي موجود في الخليج ويقدم الدعم لمسلحي القاعدة الذين يقاتلون القوات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق تحت إمرة زعيم القاعدة الراحل في العراق أبو مصعب الزرقاوي.
وبعد سبع سنوات، قالت إنه أصبح زعيم شبكة القاعدة في إيران، ومسؤول عن نقل الأموال والمقاتلين لتنفيذ عملياتها في المنطقة.
وبالرغم من دوره البارز، أعرب محللون عن شكوكهم بشأن تأكيدات الولايات المتحدة بأن الفضلي تولى بعد ذلك قيادة جماعة خراسان.
وقال مصطفى العاني الباحث في مركز الخليج للأبحاث في دبي إن الفضلي "كان واعظا أكثر منه قائدا".
هجمات كبرى
وأعرب مسؤولون أمريكيون عن أملهم في صحة التقارير التي أوردتها وسائل إعلام اجتماعية بأن الفضلي كان من بين المسلحين الذين قتلوا في الهجمات الصاروخية الأخيرة التي شنتها واشنطن، لكنهم حذروا من أن هذه الجماعة لا تزال تشكل تهديدا.
عرضت واشنطن عام 2012 مكافأة بقيمة سبعة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي لاعتقال أو قتل الفضلي.
وقال آدم تشيف عضو الكونغرس ورئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب لصحيفة نيويورك تايمز إن "التخلص منه هو أمر مهم، لكننا كما شهدنا في السابق فإن القضاء (على هؤلاء) يكون تأثيره قصير المدى مرة أخرى، إذ سيظهر للهيدرا (الثعبان الأسطوري) رأس جديد".
ووفقا لتقييمات سرية للمخابرات الأمريكية، فإن جماعة خراسان كانت تتعاون مع فرع القاعدة في اليمن المعروف باسم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" لاختبار وسائل تساعد في تمرير متفجرات من إجراءات الأمن في المطارات، حسبما أفادت وكالة أسوشيتد برس.
ويعتقد أن عضو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية السعودي إبراهيم العسيري المتخصص في تصنيع القنابل قد صنع العبوة الناسفة التي أخفاها عمر فاروق عبد المطلب في ملابسه الداخلية وحاول تفجيرها على متن طائرة فوق مدينة ديترويت الأمريكية عام 2009.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن المعلومات الاستخباراتية التي تشير إلى أن العسيري ربما يقدم المساعدة لجماعة خراسان كانت السبب في قرار هيئة سلامة المواصلات في يوليو/تموز الماضي بحظر الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسوب المحمولة غير المشحونة على متن الرحلات المتجهة للولايات المتحدة والقادمة من أوروبا والشرق الأوسط.
القاعدة صنعت قنبلة أخفاها عمر فاروق عبد المطلب في ملابسه الداخلية لتفجيرها فوق ديترويت.
وبحلول سبتمبر/أيلول، أفادت تقارير استخباراتية أن جماعة خراسان كانت "في المراحل الأخيرة من خططها لتنفيذ هجمات كبرى"، حسبما أفاد المتحدث باسم البنتاغون، الليفتنانت كولونيل ويليام مايفل.
ورغم أنه لم يتضح حينها متى وأين وكيف ينوي المسلحون تنفيذ هذه الهجمات، فإن تقريرا أمريكيا ذكر بأنهم كانوا يخططون لتصنيع قنبلة يصعب اكتشافها من خلال ربط أشياء غير معدنية مثل أنابيب معجون الأسنان والملابس بمتفجرات.
وقال مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر في اجتماع استخباراتي عقد مؤخرا إنه "فيما يخص التهديد للوطن، فإن خراسان قد تمثل تهديدا يعادل في خطورته تهديد الدولة الإسلامية".
وقال وزير العدل هولد إن وجود جماعة خراسان "على الأرجح سيستمر حتى نكون في مرحلة نعتقد خلالها أننا استطعنا إضعاف قدراتهم لمهاجمة حلفائنا أو بلدنا".
2/5/140927
https://telegram.me/buratha