قاسم العجرش
ثمة من يروّج اليوم الى أننا في حاجة الى عون الأمريكان وصداقتهم، بل أن منا من فتح الباب لهم، وهم الآن معنا في مراكز قيادة مشتركة، وفي غرف العمليات العسكرية، وربما في غرف نوم بعضنا!.
كنا في شهر تموز 2011، أي قبل ثلاث سنوات من اليوم فقط، يومها كان الأمريكان لا يزالون في العراق قوة محتلة له، ولكن موعد جلائهم بدأ يقترب، فقد كان من المتعيّن أن يغادروا في نهاية العام..
في ذلك العام كان الرئيس أوباما ما يزال في عهدته الأولى، وكان وزير دفاعه هو"ليون بانيتا"، الذي أستلم مهامه للتو، ويدشنها بزيارة لبلد فيه قوات بلاده، يقدر عديدها آنذاك بنحو 46 ألف عسكري أمريكي، من المقرر أن يعودوا الى بلادهم، قبل 31 كانون الأول من ذلك العام، ليبقى في بغداد، أقل من 200 عسكري أمريكي، كانوا سيبقون لأكل السمك المقوف، وتدريب رجال الأمن العراقيين!
بانيتا "هذا" وصل الى بغداد بزيارة غير معلن عنها، في يوم الأحد العاشر من تموز من ذلك العام، وأعلن يومها أنه آت الى بغداد، في محاولة لإقناع الحكومة العراقية، بضرورة إبقاء حضور فاعل للقوات المسلحة الأمريكية في العراق، وأنه ينوي "إقناع القيادة العراقية بالإسراع باتخاذ القرار"، بشأن وجود القوات الأمريكية في العراق في المستقبل..
وحينما سُئل عن الأسباب التي تحدوه لهذا الطلب، بدا وكأنه أحرص من العراقيين على بلادهم، فقد قال: إن الوضع في البلاد لا يزال غير مستقر، وأن ما يصل الى ألف مقاتل من تنظيم "القاعدة" يمارسون نشاطهم في العراق، ومعنى هذا أن السيد "بانيتا" كان يقدر مصالحنا، بطريقة أفضل مما نقدرها فيها نحن !.
"بانيتا" أنهى زيارته لبغداد بعد يومين، إذ لم يوفق في مسعاه لإقناع الساسة العراقيين، بإبقاء حضور فاعل لقوات أمريكية في العراق بعد التاريخ المتفق عليه، وفقا للاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد و واشنطن، في نهاية تشرين الثاني 2008، وهو أن ينسحب آخر جندي أمريكي من العراق، في موعد لا يتعدى 31 كانون الأول من العام 2011.. ولم يكن عدم توفيقه لأن الساسة العراقيين لم يوافقوا، بل بالعكس، فقد كان بينهم من يروج الى ضرورة بقاء الأمريكان !.
عدم التوفيق كان؛ لأن القادة العراقيين جميعا، لا يمتلكون حق إبقاء جندي واحد على الأرض العراقية، بعد ذلك الموعد لسببين لا ثالث لهما؛ الأول: الإتفاقية نصت على وجوب إجراء إستفتاء شعبي عليها، ومع أنه أمر لم يتم، لكن هذا النص يعني أن الشعب العراقي، هو وحده صاحب القرار، في أي موضوع مرتبط بالوجود الأجنبي على أرضه.. والثاني أن أياً من القادة العراقيين، سوف لن يجد كرسيا يجلس عليه، على منضدة يوقع عليها أوراق التمديد !.
في النهاية لم يفلح "بانيتا"، وأضطر الى سحب قوات بلاده في موعدها المحدد، تحت ضربات موجعة وجهتها المقاومة الإسلامية المسلحة لجيشه..
إنسحبت قوات "بانيتا"، ولكنها تركت خلفها ما صنعته بيدها فأجادت صنعه: ألف مقاتل من القاعدة!
كلام قبل السلام: تصادق مع الذئاب...على أن يكون فأسك معك!.
سلام...
https://telegram.me/buratha