نبيه البرجي
هكذا يكتبون: ايها السيد اوباما… كن مثلنا اعرابياً، شيخ قبيلة، قصير النظر، ضيق الصدر (والافق)، ساذجاً، نزقاً، غرائزياً، بل كن مثلنا، قهرمانة و… اضرب سوريا!
لا يحتاج الكاوبوي الى كل هذا. بنيامين فرنكلين تحدث عن «رعاة البقر الذين يجلسون القرفصاء في لاوعينا»، قبل ان يلاحظ ان هؤلاء دخلوا باحذيتهم الثقيلة الى البيت الابيض والى البنتاغون وحتى الى الكتاب المقدس…
بكلمات مقتضبة، لا بقهقهات شيخ القبيلة ولا باسنانه (وعيونه) الصفراء، قال الرئيس الاميركي لشبكة بلومبرغ «لماذا نتدخل ما دام اعداؤنا هناك يتحولون الى ركام». متى لم يتعامل الاميركيون مع العالم العربي كله على انه ركام؟
في اليوم الذي كانت تلتئم فيه القمة العربية كانت مدافع رجب طيب اردوغان تضرب في سوريا. بعض السادة العرب كانوا يبحثون في من يجلس على مقعد سوريا في القمة. لو اخذنا بالمعايير التي يتم تسويقها (الحرية والديمقراطية والعدالة)، الا تصبح غالبية المقاعد خالية في ذاك الكرنفال العربي؟…
حسناً، لقد لاحظوا ان احمد الجربا، بتلك الشخصية الزائغة والضائعة,لا يصلح ان يكون دمية. لا يصلح حتى ان يكون ظلاً، لا يصلح حتى ان يكون ركاماً. ظل المقعد فارغاً، ولكن ليقولوا لنا لماذا عقدت القمة وما هي القرارات الاسترتيجية التي اتخذتها، وهل حقاً انه لا تزال هناك حاجة للاستمرار في ذلك التقليد الذي بدأ في مدينة انشاص المصرية عام1946 والذي يعني شيئاً واحداً اننا لا نزال، وسنبقى، على قارعة القرن بل على قارعة الزمن؟…
قلنا الكوميديا تنتحب في احيان كثيرة. من يصدق ان الجربا الذي تمت فبركته بتلك الطريقة العجيبة، هو غاريبالدي او زاباتا او ديغول او حتى…. اسماعيل ياسين؟ انظروا الى وجهه، وحدقوا في كلماته، تعلموا ما هي احوال العرب ومن هم ابطال العرب.
كان يفترض ان يكون هناك من يصرخ في الوجوه ان سوريا ليست دولة بشار الاسد وليست دولة اي شخص اّخر، لكي نتواطأ، وليس باقفال افواهنا فقط , مع ذلك العثماني , اجل العثماني البشع الذي يرفع راية الاسلام، فيما هو الوالغ في الفساد، وفي الغطرسة، وفي الديكتاتورية، بل وفي التبعية، والذي لا يستطيع ان يتحمل مدينة ارمنية عند حدوده, لا بل انه يهدد بالسيناريو تلو السيناريو اذا ما مس احدهم ضريح سليمان شاه، جد مؤسس الاسرة العثمانية عثمان بن ارطغرل داخل الاراضي السورية….
نسأل اهل التاريخ كما اهل الفقه ما اذا كانوا قد سمعوا بهذا الاسم من قبل . يسخرون في منطقة الرقة ويقولون «يعتقدون انهم زرعوا نبياً عثمانياً في ديارنا». الا يحاول اردوغان ان يكون لا السلطان العثماني فحسب بل والنبي العثماني ايضاً؟
لم يضرب السيد اوباما لانه يتلذذ بالركام كما يتلذذ بطبق الديك الرومي (هو الذي قال ذلك). اذاً، اردوغان هو الذي يضرب. هناك استخبارات دولة عربية رصدت قيام مسؤول استخباراتي في دولة عربية اخرى باتصالات مكوكية بين اسطنبول وتل ابيب. النتيجة ان بنيامين نتنياهو اعطى الضؤ الاخضر لاردوغان لكي يضرب، وضرب في قمة القمة العربية: ركام…!
هل سئل الوسيط العربي عن الثمن الذي فرضته اسرائيل؟ في نهاية المطاف نصل الى هذه النتيجة: العرب هم الذين يقتلون العرب. العرب هم الذين يفتتون العرب، ولنلاحظ كيف ان مسعود برزاني تعامل مع نوري المالكي على انه هو السيد وان رئيس الوزراء العراقي هو التابع. لمصلحة من تتم صوملة العراق؟
دائماً كنا ونبقى مع الصرخة الكردية ضد الاحتواء وضد القهر وضد الالغاء، ولكن هلاّ يزال خافيا على احد ماذا تفعل الاستخبارات الاسرائيلية في كردستان العراقية وما هو مدى التنسيق بينها وبين الاستخبارات التركية؟ فتشوا عن العرب ايضاً…
كم كان رائعاً ذلك المدرس الهارب من مدينة الرقة حين قال: السيد اردوغان هدد بطائراته لحماية قبر قاطع طرق عثماني (كان فعلاً يسطو على القوافل)، فلماذا لا يهدد بها لحماية المسجد الاقصى؟ يستدرك المدرس الذي من الرقة «رحم الله السلطان عبد الحميد لو يعلم وهو في العالم الاّخر ان اردوغان نصح محمد مرسي بان يمد اليد الى هيكل سليمان».
اليس اردوغان بالذات هومن فرش السجادة الحمراء امام ابي بكر البغدادي، وبعدما حاول من خلال استجلاب اتراك اسيا الوسطى والقوقاز وبتمويل هائل من احدى الدول العربية، انشاء نوع من الانكشارية الجديدة داخل تنظيم القاعدة حتى اذا ما تسنى لهذا التنظيم، وبالتنسيق العملاني مع «الاخوان المسلمين»، تقويض النظام السوري، كانت الانكشارية العثمانية جاهزة لتكون هي الحاكمة بامرها على الارض السورية…
واثقون من ان كسب ستعود الى اهلها الذين حولوها الى لؤلؤة على تلك السفوح الخلابة، بعدما هدد من هدد بان تمادي اردوغان في الحرب ضد سوريا سيؤدي الى تعديل دراماتيكي في قواعد الاشتباك في المنطقة…
مع ذلك، هناك عرب ويقولون لـ «النبي العثماني» اضرب. يضرب من ايها السادة… الركام؟!
الديار
2/5/140329