المقالات

العراقيون.. واسقاط الصنم

1324 23:37:00 2007-04-08

( بقلم : علي حسين علي )

قبل العشرين من آذار، يوم بدأ الهجوم الجوي لقوات التحالف على قصور الطاغية صدام وثكناته العسكرية وقواعده الجوية ومقرات اجهزته القمعية والبعثية.. قبل ذلك اليوم كان صدام كان محتاطاً لحدث جلل يعتقده، وهو ان الشعب العراقي سينتفض عليه وسينتفض على نظامه، فأولوية صدام في كل حروبه وعدواناته هي الخوف من هذا الشعب قبل الخوف من اية قوة اجنبية مهما كبرت ومهما كانت قوتها.

يومذاك، أي العشرين من آذار، كان صدام قد استنفر كل قوته الرهيبة لمراقبة الشعب العراقي، ومحاصرته بالخوف والهلع، ولم يولي اهتماماً يذكر لحشود اكثر من نصف مليون جندي اجنبي على حدود العراق الغربية والجنوبية والشمالية ايضاً.

فصدام كان كل ما يخشاه ان تتجدد انتفاضة شعبانية اخرى، وكان يتصور انه سينجو كما نجا عام 1991 في حال استطاع منع العراقيين من اسقاطه والثورة عليه والاقتصاص منه. واذا كان صدام الطاغية لم يكن مكترثاً بالحشود الضخمة والاسلحة الرهيبة، فلانه اعتقد ان الامر لن يكون اسوأ مما كان عليه الحال عام 1991.. وحسب ان ما يخيفه هو الشعب العراقي فاذا استطاع ان يمنعه من الوصول اليه واسقاطه فانه يكون بذلك قد ضمن عشر سنوات اخرى او اكثر لحكمه ان يستمر في العراق.. هكذا فكر صدام، وعلى اساس هذا التفكير وضع اولوياته في حرب الخليج الثالثة.

بالمقابل، كانت القوى الدولية العظمى التي تحالفت لاسقاط حكم الطاغية، وبتأثير من بعض الحكام الاقليميين، كانت تستعجل المسير لاسقاط صدام خشية منها ان تتكرر انتفاضة العراقيين فيسقطه الشعب العراقي قبل ان تدوس نظامه دباباتها.

فالجانبان، الاجنبي والصدامي، يواجهان مشكلة واحدة، هي ان يسقط العراقيون حكم الطاغية بايديهم. واذا ما كان صدام يضمن سنين حكم جديدة في حال منع العراقيين بالقوة عن اسقاطه، واذا كانت القوى الكبرى المحتشدة على الحدود لها حساباتها واجندتها واستحقاق بعض الحكام الذين تنطلق القوات الامريكية من اراضيهم والطائرات من اجوائهم.. ولهذا، فالاتفاق في المصالح غير المتفق عليه بين الطرفين كان يحثهما على ان لا يتمكن الشعب العراقي من اسقاط اعتى نظام استبدادي عرفه تأريخ العالم الحديث.

والقوى الوطنية الاسلامية المعارضة، كان لها موقفاً متفرداً ولكنه لا يرضي أيَّاً من الطرفين لا صدام ولا قوات التحالف.. وهذا الموقف قد ابلغت به الدولة العظمى، وطلب منها ان تترك للعراقيين فرصة اسقاط نظامهم، وان تمنحهم هذه الفرصة التأريخية التي ظلوا ينتظرونها اكثر من ثلاثة عقود.. لكن الدولة الاعظم – كما قلنا- كانت تفكر بمصالحها او ربما بمصالح غيرها، ممن لهم عليها (حقوقاً)، ومن الذين يخشون نتائج سقوط صدام على يد ابناء الشعب، وخوفاً من هذه الامثولة التي يمكن ان تتكرر في اماكن اخرى قريبة او بعيدة.. وكلما حاولت القوى المعارضة العراقية الاصيلة والفاعلة ثني الامريكيين وحلفائهم عن مخططهم باسقاط صدام على ايديهم، كلما تمسك الآخرون بما لا يرغب به ابناء العراق الاحرار.

وكان شهيد المحراب اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس) زعيم المعارضة العراقية يرى ان من حق العراقيين اسقاط النظام المستبد، وانه لشرف لهم ما بعده شرف ان يكونوا قد اقتلعوا الشجرة الخبيثة بأيديهم.. وكان (رضوان الله عليه) يستشرف المستقبل في حال تم اسقاط صدام بأيدي غير عراقية، فان القوة التي تسقطه تطلب الثمن، والثمن دائماً سيكون على حساب وحرية واستقلال العراق وشعبه.. وكان (رضوان الله عليه) يقدر بان نظام الطاغية لا يحتاج الى كل هذه الجيوش لاسقاطه لانه، - أي النظام- متهالك ومتشظي، فقد انهكه العراقيون وكشفوا كذب مزاعمه بالقوة ونخروا جسده العليل بعشرات بل مئات العمليات العسكرية التي خاضتها المقاومة الاسلامية الوطنية ضد جيش النظام ومؤسساته القمعية والتي اظهرت عجز النظام في مواجهتها.

كان النظام الصدامي منهاراً فعلاً قبل هروب (قادته) من ارض المعارك التي لم يسجل فيها اية مواجهة بين الجيش الصدامي والقوات الاجنبية، فالجيش العراقي قد عانى طوال اكثر من ثلاثين سنة من حروب صدام، وهو غير مستعد - كأفراد وليس قيادات – على مزيد من التضحيات من اجل ان يبقى صدام وعائلته حاكماً او حكاماً على العراق يذيقون شعبهم سوء العذاب. اضف الى ذلك كله فان قناعة قادة المعارضة العراقيين الاحرار كانت مبنية على فرضية دقيقة وقد ثبت صحتها، وهي ان الجيش العراقي لم يعد يملك القوة او القدرة او حتى الرغبة في الدخول في حرب مع اياً كان وحتى ان جنود وضباط وقادة هذا الجيش قد تواروا عن الانظار وتركوا معسكراتهم واسلحتهم ثم فروا لا يلوون على شيء.

وكان قادة المعارضة العراقية الاصلاء يعرفون حقيقة بان صدام شخص جبان، لم يعرف عنه الا المظاهر الكاذبة والادعاء البطولية الفارغة، وقد شخصوا امره بانه سيفر من المعركة ولن يمكث في بغداد ساعات خشية غضبة اهلها عليه وعلى نظامه. وهكذا سقط النظام وانهار جيشه وفرَّت قياداته.. وكانت حسرة ما تزال حتى اليوم في نفوس العراقيين وهي انهم الاحق باسقاط الصنم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك