المقالات

لكي لا يعاد زراعة أرضكم بالمقابر الجماعية

1881 01:07:00 2007-04-05

( بقلم : سلطان علي )

بادئ ذي بدء ما كنت لأتطفل بالكتابة في هذا الموقع المبارك لولا مناشدة كريمة من السيدة الفاضلة ناهده التميمي التي يعجبني أسلوبها في الكتابة و احرص على قراءة ما نكتبه من مقالات. و اعترف لكم ايضا بأنني من المداومين يوميا على زيارة موقع وكالة براثا لاستقي منها أخر أخبار أهلنا الطيبين من أشراف العراق التي يوافينا بها مشكورا الأستاذ محسن الجابري و طاقم العاملين معه قبل حتى أن تنشرها وكالات الأنباء العالمية. و أنا من المداومين على قراءة مقالات كوكبة من شريفات و فرسان هذا المنتدى أمثال السيدة الفاضلة ناهده التميمي و المهندسة بغداد و الأستاذ مهدي الياسري و السيد أحمد الشمري و الأستاذ باسم العوادي و باقي الإخوة الكتّاب العراقيين الشرفاء. إن مشاركتي بالكتابة ما هو إلا تعبير بسيط عن حب للعراق و أهله الشرفاء و عن صرخة ألم لكل ما يحصل لكم من قتل يومي بسبب الإرهاب ألبعثي و الوهابي. و هنالك أعداد كبيرة من سكان بلدي الذين هم على شاكلتي و اللذين يؤلمهم ما يؤلمكم و يفرحهم ما يفرحكم. و أن كان لي أن أساهم برأيي البسيط و المتواضع بجانب أرائكم الفذة في محاولة تشخيص الوضع الراهن في العراق و أتساءل مثلكم إلى أين تتجه بكم و بنا الأحداث خاصة أذا علمنا إننا امتداد لكم يؤثر فينا سلبا و إيجابا ما يؤثر فيكم و عليكم و ربما مصيرنا في المستقبل مرهون بمصيركم. لن اتحدث في الشأن اليومي لما يحدث في العراق فأنتم ادرى مني بذلك ولكن علينا جميعا ان نعي حقيقة أن زلزال الغزو الامريكي للعراق و الذي اطاح بنظام البعث الطاغوتي لم تقتصر اثارة المدمرة فقط على ازالة اركان الدولة اليعثية من على الرقعة الجغرافية للعراق بل احدث ذلك الزلزال هزات ارتدادية امتدت آثارها عميقا في التاريخ ايضا لتصيب في مقتل المدرسة السنية المرتكزة تاريخيا على الاستفراد بسلطة الحكم و لتضع حدا لحقبة من تاريخ حكم الخلافة (الاسلامية) السنية للعراق التي امتدت ما يقارب اربعة عشر قرنا.

يجب ملاحظة انني عندما اتحدث عن السنة في هذا المقال, فأنا اقصد من بيدهم السلطة من السنة و من لا يتورعون عن ارتكاب اية جريمة ضد شعب بأكمله في سبيل الحفاظ على تلك السلطة و ليس السنة المنتمين مذهبيا فهم اخوة لنا في الدين و الوطن.جاء رد فعل الشيعة في العراق على الغزو الامريكي على غير عادتهم هذه المرة فهم لا يهتمون عادة بأمور تتعلق بالحكم و السلطة, و خلافا ايضا لرد فعلهم لما حدث في ثورة العشرين, كانت ردة فعلهم سريعة و حاسمة و جماعية في التماشي مع تداعيات الغزو حيث جلب لهم المحتل الامريكي من غير قصد منه ما كانوا يحلمون به و اتاح لهم فرصة ثمينة اقتنصوها بكل اقتدار و حرفية فوضعوا خلال السنتين الاوليتين الاسس الديمقراطية للحكم الفدرالي و انتخبوا اعضاء البرلمان و كتبوا دستورهم و صوتوا علية فأصبح نافذا المفعول و حقيقة واقعة.

تخيلوا معي يا احبتنا لو لم تبادروا و تنهوا كل هذه المراحل من المسيرة السياسية قبل اشتداد اوار الارهاب البعثي السلفي الذي يمعن فيكم الآن قتلا و تدميرا ما ذا كان يمكن ان يكون وضعكم و ما ذا كنتم ستدفعونه من اثمان باهضة من ارواحكم لتصلوا لما وصلتم اليه. انها حقيقة من المفارقات العجيبة التي فد تصل لحد المعجزات الربانية لله جلت عظمته الذي يسر لكم ان تنهوا اهم مراحل وضع الاساس للحكم الفدرالي الذي يحفظ حقوقكم و يمنع غيركم من الاستبداد و التفرد بالسلطة .كان بدون شك للمرجعية الدور الحاسم في تحشيد الجموع الشيعية ليدلوا بأصواتهم في الانتخابات و التي اذهلت العالم اجمع بنسب المصوتين و تحديهم لتهديدات الارهاب. بعد ان تنبه سنة العالم العربي و الاسلامي للآثار المدمرة للغزو الذي اتى على اسس مرتكزاتهم الاستراتيجية المتمثلة باستفرادهم التاريخي بالسلطة و الحكم و بأن اللعبة الديمقراطية الحالية ستجعلهم يتنافسون على قدم المساواة على مقاعد السلطة كغيرهم من مكونات الشعب, ردوا بالطريقة الوحيدة التي يتقنونها و يجيدونها و هي التخلص من خصومهم بالقتل و بادروا بإرسال مجاميع من الارهابيين للعراق.ان ردة فعلهم على بشاعتها و قسوتها لم تكن مستغربة منهم و ليست خارج نسق ردود افعالهم المعتادة للاحتفاظ بالسلطة و الحكم على مدى التاريخ و يكفينا من شواهد التاريخ ما فعلوه بالإمام الحسين(ع) في واقعة الطف من قتل و سبي و رفع الرؤوس على الرماح و السير بها من بلد إلى بلد. و لدينا من الشواهد الاخرى ما ليس مجال تعدادها هنا و على كل حال, فهم لا يقف في وجههم شيء عندما يتعلق الامر بالنزاع على السلطة. و مما زاد غضب حكام السنة و هم اللذين اوصلوا العالم الاسلامي و العربي لمراحل متقدمة من التخلف و الانحطاط عن الركب الحضاري, ليس فقط في أخذ الشيعة في العراق حصتهم في الحكم و اقترابهم من أن يحققوا حلمهم في الفدرالية بل ايضا في مواجهتهم للتحدي الحقيقي الذي لم يحتملوا ان يواجهوه و المتمثل في مقارنة ما عجزوا هم عن انجازه خلال حكمهم الاستبدادي على مدى اربعة عشر قرن بما انجزه الشيعة خلال ثلاثون سنة فقط. الحكم الشيعي في ايران احرز تقدم تقني في مجالات كثيرة من اهمها مجال التسلح و امتد نفوذه السياسي الى لبنان و سوريا و فلسطين و في ما انجزه حزب الله خلال عشربن عام من المقاومة و تحقيقه اخيرا انتصارات بهزيمة اسرائيل و مطالبته عل اثرها بحصة اكبر في مقاعد الحكم في لبنان و التمرد الشيعي لجماعة الحوثي في اليمن و هي متاخمة للحكم الوهابي السعودي. في مقابل هذه النجاحات و النهوض الشيعي الذي اعتبره الكثير من الخبراء و الباحثين العالمين بأنة قرن النهوض الشيعي على مسرح الاحداث العالمي, فقد خسر السنة مواقعهم في حكم العراق الذي يعدونه مهد الخلاقة الاسلامية السنية و يصعب عليهم تخيله يتحول لحكم الاكثرية الشيعية . و كذلك خسائرهم بسبب تداعيات حرب امريكا على الارهاب السني السلفي بعد احداث 11 سبتمبر و اسقاط دولة طالبان في افغانستان وعدم تمكنهم من تحقيق حلم إعادة الخلافة الاسلامية. كل ذلك شكل حالة من الإحباط للعالم السني السلفي. و لعل قسوة الارهاب السلفي السني و البعثي السني في العراق ضد الشيعة.يمكن تفسيره بأنه حالة من التعويض عن هذا الفشل و الاحباط على المستوى العالمي . هنالك صراع ارادات حاليا يتمثل في سعي العالم السني بكل قواه و بكل مكوناته و بكل الوسائل المتاحة له لمنع الشيعة في العراق من تحقيق هدفهم الاستراتيجي. إن هدف الشيعة الاستراتيجي في العراق في تصوري يجب ان يكون كما يلي:" العمل بوسائل ديمقراطية سلمية للحصول على كامل حقوق الشيعة المشروعة في المشاركة في الحكم و على منع اعادة حكم التسلط و الاستبداد السني للعراق تحت أي مسمى ". أن الآلية لتحقيق هذا الهدف هي "الفدرالية".لذا يجب ان يسعى الشيعة في العراق حثيثا لكل ما يقربهم من بلوغ هذا الهدف و عليهم ان يجمعوا صفوفهم و يعيدوا كل من يغرد خارج سربهم بمن فيهم حزب الفضيلة و جماعة الدكتور اياد علاوي حتى و ان اختلف معهم في بعض منطلقاته ففي مثل هذه الاوقات يتوجب ان يتجاوز الحلفاء عن بعض خلافاتهم في سبيل تحقيق اهداف استراتيجية عليا. عليهم ان لا يتوقعوا مساندة و دعم من اية قوة اقليمية او دولية. فليست امريكا في وارد ان تعينهم في وضعهم الراهن فهي تنظر لهم بعين الريبة و الشك خوفا من تعاطفهم مع ايران في حال حدوث مواجهة عسكرية مع ايران. عليهم ان يعتمدوا على الله و قواهم الذاتية.عليهم ان يتمسكوا بمرجعياتهم الدينية فهي حصنهم الحصين و عليهم ان يبتعدوا عن ردود الفعل بارتكاب اعمال ارهابية ضد السنة بسبب استفزازات الارهاب السلفي الوهابي و البعثي كي لا ينجروا لحرب اهلية و ينسوا تحقيق هدفهم الاستراتيجي.ولكن عليهم في ذات الوقت ان يدافعوا عن انفسهم ضد الارهاب بكل ما لديهم من قوة بمشيئة الله, ان احسنوا إدارة انفسهم و تكاتفوا بكل اطيافهم فلن يعاد زرع ارضهم بمقابر جماعية بل ستزرع ارضهم ورود و رياحين. ودمتم سالمين

سلطان علي ( محب للعراق و أهله) السعودية

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
فراس الجبوري
2007-04-05
شكرا لللاستاذ سلطان على هذه المقاله يجب علينا كشيعه ان ندوس المخربين والمجرمين بلا رحمه كفانا ذلا. الحريه الثانيه خير مثال على كلامي. دمتم سالمين
ناهدة التميمي
2007-04-05
الاخ العزيز سلطان علي .. مرحبا بك في عالم الصحافة والكتابة .. اجدت وابدعت باسلوبك الجميل ولغتك الرصينة العالية وكفيت الموضوع من كل جوانبه نريد منك المزيد من المقالات .. اكتب عن عذابات الشيعة ومآسيهم وما جرى عليهم في العراق وفي كل مكان .. اكرر ترحيبي بك في عالم الكتابة عن الهموم الشيعية ناهدة التميمي
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك