المقالات

اضواء على الجلسة الختامية للقمة العربية

1666 18:01:00 2007-03-30

( بقلم : ثائر الزيرجاوي )

عندما حان الدور في الكلام للسيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني في الجلسة الختامية للقمة العربية كان المتوقع منه في جميع الأحوال ان يكون صريحاً وشجاعاً كعادته في وضع النقاط على الحروف. ورغم ان الوجوه المكفهرة للقادة العرب كانت غير مستعدة لسماع ذلك الصوت القادم من العراق الذي يمثل النظام الجديد، النظام الذي اتت به الملايين من الأصوات في انتخابات حقيقية افتقدتها الثقافة القومية العربية، الا انه وبدبلوماسية عالية وبلغة عربية لا يجيدها الكثير من الحاضرين العرب تعمد اسماعهم وعلى مضض منهم الحقائق الصارخة.

والعرب رغم اختلافهم في التوجهات والسياسات الا انهم اشتركوا في عدم امتلاكهم لفكر متجدد وانما ذاكرة عشوائية واذهان بالية. اقول اشتركوا في رفض الوليد الجديد الذي جادت به ارض العراق. فالهلال السني المتمثل بمصر والاردن والسعودية، وهم الذين ساهموا وسهلوا مجيء القوات الاميركية الى العراق بشتى الوسائل، احسوا بالندم لتنامي الهلال الشيعي (المزعوم) فكان وجه حسني مبارك الوجه الأثقل على الجلسة الذي يختصر الكبرياء والغرور المصري في التعامل مع بقية الدول العربية (الأصغر حجماً)، وكذا كان وجه الخادم (السعودي) الذي يهتم بأن يكون دائماً مقعده مميز وعالي وتحيط به هالة من التبجيل لا يقترب منها الا ذلك المسكين الذي يأتي بفناجين القهوة العربية كتقليد يفرض حتى على الزوار الامريكان والانكليز والطليان، اما ذلك القصير النصف عربي الذي يجيد اللغة الانكليزية كاجادة اخواله الانكليز فهو المسكين الذي لا يستطيع ان يطيل رقبته اكثر مما يجب، رغم انه المبشر (او المحذر) من الهلال الشيعي قبل ظهوره أصلاً.

ورغم ان العراقيين وهم الأهم في قناعتنا لا يختلفون في قناعتهم من ان القمة العربية هي قمة بروتوكولية لا تنفع ولا تضر، حتى ان حضورها يعتمد على البلد المحتضن للقمة فاذا كان البلد غني كان الحضور جيداً اما اذا كان البلد فقير كالسودان مثلاً فلا يحضرها الا وزراء الخارجية فيما عدا علي عبد صالح الذي يحرص على ان لا يضيع فرصة السفر وتغيير الجو. حتى انه من فرط حضوره الكثير اعطى لنفسه الحق في التعبير عن مطالب غيره فطالب بحماية الفلسطينيين في العراق وهو الطلب الذي لم يطالب به حتى محمود عباس ذو الشعر الابيض الخالص الذي طالب بدعم الشعب العراقي (دون حكومته).

والجدير بالذكر ان محمود عباس ليس الوحيد الذي يتردد في دعم الحكومة العراقية بل يشاركه جميع الحكام العرب في ذلك لأن الحكومة العراقية غير شرعية بنظرهم في حين ان حكومة اتت بانقلاب (كحكومة موريتانيا) لا تحتاج الا لبضعة سويعات لتحصل على كل التأييد والشرعية اما الحكومة العراقية التي اتت بواسطة اثنى عشر مليون صوت ناخب تحتاج الى دهر لتحصل على قبولهم وقد لا تحصل. اما الطالباني العراقي الاصيل فقد أكد في كلمته بأكثر من موضع على دعم الحكومة العراقية وقال بانها حكومة وحدة وطنية تتألف من جميع الشرائح ومنها شريحة السنة العرب وان الحكومة جادة في تحقيق الأمن والوئام في العراق وانها حريصة على اقامة افضل العلاقات مع الدول العربية.

كما اكد على المكتسبات الكثيرة التي تحققت بعد تحرير العراق منها الحرية والديمقراطية والانتخابات وحرية السفر والتعبير عن الرأي وتشكيل الاحزاب وان الحقوق مكفولة بالدستورالعراقي وان الدستورسيطاله التغيير والتعديل وبرغبة الشعب العراقي فالشعب سيد نفسه وهو الحاكم وليس المحكوم. ولم يفت الرئيس الطالباني ان يطالب العرب بدعم العراق فعلياً من خلال التنازل عن الديون التي هي بالمليارات التي تسبب بها (بطلهم القومي) صدام المقبور وقال ان الشعب العراقي ليس له ان يتحملها. وكخلاصة كانت كلمته شافية وافية شجاعة كان لها وقع المطرقة على سندان آذانهم وقلوبهم التي لم يحلو لها ان تسمع بمنجزات العراق الجديد فراح البعض ساخراً بابتسامة بليدة كذلك القطري السمين الذي لم يتوان عن دعم العراق! بواسطة قناته الجزيرة القومجية المحرضة على القتل في العراق رغم انه يحتفظ بعلاقة غرامية مع اسرائيل.

آه كم ظلمت يا عراق.. من منهم لم تقدم له المساعدة؟ ومن منهم لم يحصل على نفطك وخيراتك؟ وكم نزفت دما من اجلهم ؟ الم تكن الحرب على ايران حرب بالنيابة عنهم؟. ظلمت ولكنك ستبقى قوياً منيعاً وان هذه سحابة صيف سرعان ما ستنقشع وستذهب سهام الغدر من اخوتك سدى او ترتد الى صدورهم الموغلة بالحقد الاعمى وسوف لن يقف الارهاب عند حدود العراق بل سيطالهم وستهتز عروشهم الخاوية لأنها اوهن من بيوت العنكبوت بنيت على الانقلابات والمؤامرات وقمع الشعوب. ان حكومتنا اقوى والدليل على قوتها صمودها الاسطوري هذا، لا يمر اسبوع الا وانفجرت عشرات السيارات وقتل المزيد من العراقيين ومع هذا فهي باقية مقبولة من الناس بدون تهديد او وعيد او سجون سياسية، لا نريد ان نقول كيف ان حادث واحد بسيط كاد يعصف بدول عربية كاملة كمقتل الحريري اللبناني السعودي او حادث تفجيرات فنادق عمان. لقد غاب عن القمة القذافي القنفذي صاحب الكتاب الاخضر المقدس الذي لا يخلو شارع او ساحة عامة في ليبيا من صوره او شعارات التمجيد بقيادته الفذة فهو القائد الضرورة بطل المرحلة محرر الأمة البطل المغوار... الى اخره من التسميات العتيدة غير انني والله لم ار فيه اية صفة من هذه الصفات الا صفة واحدة يشتاق لها الكثيرون الا وهي روح النكتة والضحك التي يلطف بها اجواء القمم العربية بكلماته المتقطعة الثورية. لم يحضر القذافي لماذا؟ الجواب بسيط لأنه دبر محاولة اغتيال لم تفلح لقتل ولي العهد السعودي في حينها الملك حالياً فهو غير مرحب به اصلاً وضحى منظموا القمة بهذا المهرج في حفل الأفتتاح. اعود واعلق على موضوع الحضور في القمم العربية، واسرد مثل على تهافت الرؤساء على بلد وعزوفهم وتشاؤمهم عن بلدان اخرى، فكلنا نعرف ان هناك قمة فرنسية افريقية تعقد كل عام على ما أظن يتم فيها دعوة جميع الرؤساء الافارقة لحظورها، واقول جازماً انه لا يعتذر عن حضورها اي رئيس افريقي مهما كانت مشاغله ومهما كان الظرف في بلاده واتذكر مرة ان القذافي زعل على شيراك لأنه لم يوجه له الدعوة، ففرنسا بلد اوربي جميل تكثر فيه الحسناوات الشقراوات وليس كالسودان ورئيسه الذي يضع على رأسه كومة من القماش الأبيض وجلبابه الغريب المضحك. أكثر ما ادهشني في الكلمات الختامية وكدت ابكي من فرط تأثري به هو ما قاله المندوب الصومالي الذي حكى مصيبة بلاده وذكر الرؤساء والملوك العرب بما وعدو به منذ قمتين او اكثر بدعم الصومال بـ 26 مليون دولار!! اعيد الرقم 26 مليون دولار فقط لا غيرها. ورغم تفاهة الرقم وصغره وسهولة توفيره الا ان العرب النشامى لم يوفوا بوعودهم والعتب على النسيان اذ بمجرد صعود القادة العرب الى الطائرة فانهم يصابون بداء النسيان اللعين ،كما انهم مستقبليون غير رجعيون يضعون الماضي خلف ظهورهم وينظرون الى الغد الزاهر المشرق.

المهم ان العبد الفقير من الصومال اطنب في حديثه وتابع سرد القصة كاملة قائلاً ان الدول العربية لم ترسل هذا المبلغ عدا الجزائر عن طريق منظمة الجامعة العربية وحصة اليمن ارسلت مباشرة الى الحكومة الصومالية واردف قائلاً ان هناك خمسة دول عربية اخرى ارسلت المبالغ الى امانة الجامعة العربية لكنها لم تحول الى الصومال (اي ان القومجي الشريف عمرو موسى لهف الفلوس!! كما يقول المصارنة ) وحسناً فعل المصور التلفزيوني عندما تحول بكامرته نحو عمرو موسى وهو يبلع ريقه بصعوبة متلفتاً وكأنه فز من نوم عميق اضفته اجواء القاعة الشرقية الملكية وخطب القادة العرب الرتيبة والمملة (فالقمم العربية يجب ان تتضمن جملاً مثل:يجب ان تكون قرارات القمة تحقق طموحات الجماهير...!! يجب حل القضية الفلسطينية!! يجب ان تكون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية وعودة المهجرين... الذين يسكنون الشقق الفارهة في شارع حيفا والبلديات الى الوطن ليعيشوا بسعادة في كنف حزب حماس الذي حول فلسطين الى جنة عدن... الى اخره من الشعارات).

اقول ورغم اني لا أؤيد سياسة حزب الله وسوريا في لبنان ولا أؤيد خصومهم ولا يعنيني امرهم بشيء ، ان السعودية سارعت وبلحظ البصر وبأسرع طائرة وبتجاوز الروتين الممل والتحفظات وبدون اخذ رأي الشعب السعودي المسكين اعطت حكومة السنيورة مليار دولار عداً ونقداً لانقاذها من السقوط سقوطاً حراً من الازمة السياسية والاقتصادية التي كادت تهوي بها الى الحضيض بالرغم ان سياسة السعودية الرشيدة لا تؤمن بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى!! حتى انها بادرت مؤيدة من الهلال السني (بالاضافة الى مصر والاردن) الى ادانة حزب الله لأنه تسبب في الحرب مثلجة قلب اولمرت واسرائيل وموفرة لهم الغطاء السياسي لمواصلة الحرب التي ما كانت لتتوقف لولا اسباب هي غير خافية على كل لبيب وذي عقل راجح. اما سوريا وما ادراك ما سوريا ... معبر الارهاب الذي اكد رئيسها الوريث الجمهوري الشرعي لأبيه الضرورة " ولا ننسى ان الوراثة الجمهورية غير موجودة الا لدى الدول العربية" أكد على ضرورة الغاء قانون اجتثاث البعث موجهاً درساً الى العراقيين ان يتعلموه وهو صاحب التصريحات الرنانة الذي يتهم هذا وذاك بانهم اشباه رجال ....الخ وهو الذي اظهرته قناة العربية وبلقطة فريدة وكأنه يتوسل بوزير خارجية السعودية الذي يجلس امامه ويكاد يسقط في حظنه رغم رقبته الطويلة وهو الطفل الدلوع الذي ورث الحكم الجمهوري من والده المرحوم. كما سمعنا بان الباذنجاني الاسود عمر البشير يطالب بحل المليشيات "الشيعية.. بدر وجيش المهدي" وكأنه يتكلم عن موضوع يخص بلده وقد نسي ما تقومة به ميلشيات الجنجويد التي يقودها من قتل وتهجير بحق الابرياء من المسلمين في دارفور.. آه لقد نسيت عفواً سيادة الرئيس ان شعب دارفور هم ليسوا عرب وانما افارقة .. اذاً يحق قتلهم وازالتهم من الخارطة وتحق عليهم اللعنة. آه يا عرب بأي حكم تحكمون وبأي خرافات تؤمنون الا ان فراقكم عيد والذي يذهب عنكم بعيد هو حتماً سعيد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك