المقالات

الانتفاضة السورية .. اسباب ضعفها وتشتتها

577 22:58:00 2012-10-30

رفعت نافع الكناني

الكثير من المحللين يعتقد ان عسكرة الانتفاضة السورية كان سببا رئيسيا في ضعفها وتشتتها وفرقتها .. وانها ادت الى نتائج سلبية وكارثية اثرت لاحقا على حاضرها ومستقبلها بالرغم من ان الاحتجاجات الشعبية السلمية الكبيرة المطالبة بحقوقها المشروعة بالاصلاحات والتغيير السلمي احتضنها الشعب السوري بكافة فئاتة واطيافة بداية الامر بعفوية وبتناغم مع ما يحصل على الساحة العربية من متغيرات . لكن القوى الخارجية المتعددة وخياراتها الاستراتيجة على مستوى منطقة الشرق الاوسط على وجة الخصوص والعالم والتدخل السافر في خيارات الشعب وطرق تعبيرة عن تطلعاتة ، والضغط الهائل من قبل الولايات المتحدة والغرب على حليفاتها من دول الخليج وما تعرضت لة جامعة الدول العربية من تهميش لدورها بحيث اصبحت تتلقى الاوامر والتعليمات وصيغ القرارات الجاهزة من قطر والسعودية لافشال اي حل سلمي يجنب الاشقاء السوريين القتال بل ان هذة القوى مجتمعة كانت تدفع الوضع للانفجارلتهيئة الساحة السورية لحرب اهلية طاحنة تمزق البلد وتدمر اسس الدولة والمجتمع وتفتيت واضعاف الجيش السوري الذي يحسب لة حساب على مستوى ميزان القوى بين العرب واسرائيل والمنطقة ... كل هذة المعطيات ادت الى اضعاف دور الانتفاضة وتوزع ولاءاتها بين اكثر من جهة . ويمكن تأشير اهم العوامل التي ادت الى ضعفها وتفرقها وخسرانها اغلب المواقع التي استولت عليها في بداية المعارك :

1- التدخل الخارجي المتعدد على الصعيد السياسي والعسكري افضى لخلق حالة من الفوضى وعدم التوازن وما نتج عنة من تعدد وانشطار كبير في صفوف المعارضة المسلحة واصبحت مراكز القوى المتعددة سببا في ظهور خلافات جدية وواقعية وعميقة على الارض ادت الى تعكز كل فريق منها الى حضن دولة تمدة بالتنظير الايدولوجي والمال والسلاح والعون المادي والاعلامي ويأتمروينفذ ما لها من اجندات على الساحة السورية وهذا مما ادى الى ضعفها وتشتتها وصراعها على المواقع والغنائم وما تسربت من معلومات على استيلاء بعض القادة المحسوبين على المعارضة المسلحة على ملايين الدولارات التي وهبتها بعض الدول لغرض الدعم العسكري والاعانات الانسانية لمخيمات السوريين خارج الحدود

2 - السمة الطائفية في خطاب هذة الجماعات المسلحة والتي تصدرت المشهد السياسي والعسكري والذي اعتبرة العامل الحاسم في تخوف الشعب السوري المتعدد الثقافات والاعراق والطوائف والديانات من مستقبل مجهول ينتظر البلاد بعد ظهور جماعات مسلحة متطرفة تدفقت باعداد كبيرة ومن شتى بقاع العالم تحت شعار الجهاد المقدس والتي كانت ترفع شعارات طائفية ودينية ومذهبية مقيتة تنهل وتستمد رؤاها وتصوراتها العقائدية من فكر القاعدة المتطرف والجماعات السلفية المتشددة . وقد بانت اعمالها بوضوح على الارض والتي تميزت بكم هائل من التفجيرات العنيفة التي ضربت المدن السورية واحدثت خراب هائل في الممتلكات العامة والمنشئات والبنى التحتية والتي هي ملك للشعب وليس لحكومة بشار الاسد وما صاحبها من خسائر بشرية كبيرة بين صفوف المدنيين .

3 - الموقف العدائي السافر للنظام السوري ولبشار الاسد من قبل قطر والسعودية وبعض دول الخليج ، باعتبار ان النظام السوري وحزب البعث لايؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة !!! اضافة للموقف الفوضوي وغير المدروس من قبل الحكومة التركية متمثلة بشخص رئيسها السيد اوردوغان والذي كان يعتمد في خطابة على العنجهية والطائفية والوصاية يحركة الحلم العثماني الغابر ، وما اظهرتة الوقائع على الارض من ضعف الشخصية وعدم امتلاكة الحنكة السياسية لمثل هكذا مواقف مهمة على الصعيد العالمي وليس المنطقة ، وما سوف ينعكس على الساحة التركية من تأثيرات ونتائج في المستقبل القريب ... ولم تنجح محاولاتة ومن معة في خلق منطقة امنة داخل الاراضي السورية للفصائل المسلحة ولم يستطيع اقناع حلفائة في حلف شمال الاطلسي من فرض حضر جوي على الاجواء السورية ، ولم يفلح في لم شتات المعارضة السورية وتوحيد صفوفها تحت مجلس موحد للمقاومة .

4 - ادركت الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الغربيون وبعض حكام الخليج ان الوضع على الارض افرز وقائع وظواهر خطيرة يمكن ان تنسحب على الوضع الداخلي في تلك الدول ولبنان وبعض دول المنطقة ، اتسمت بتصدر جماعات مسلحة وامراء حرب من دول مختلفة تعتنق الفكر السلفي وتتعاطى مع فكر القاعدة المتطرف مزيحة من الساحة الحركات السياسية المعتدلة والوطنية ، وقد ظهر جليا من اعمال اقترفتها هذة المجموعات في المدن والقصبات السورية تشبة الى حد كبير ما احدثتة الجماعات الارهابية المسلحة في العراق . وجاءت احداث الساحة الليبية وما تمثلة حادثة الهجوم على السفارة الامريكية في بنغازي ومقتل السفير الامريكي وعدد من الدبلوماسيين هناك بطريقة بشعة ، اعطت هذة المؤشرات وما تحملة من دلائل التريث في الدعم العسكري الكامل وغير المشروط لهذة الجماعات المسلحة ، وما يمكن ان تحملة المواقف الجديدة للولايات المتحدة بعد الانتخابات القادمة .

5 - قوة وصلابة الموقف الروسي والصيني في مجلس الامن وتعطيلة اي قرارات دولية تستهدف تغيير النظام ورئيسة بالقوة . مدعوم معنويا بالموقف الايراني وبعض دول العالم المؤيدة للنظام السوري . كما صرح قادة الاتحاد الروسي في اكثر من مناسبة بان روسيا لايمكن ان تسمح بسيناريو مشابهة لما حدث في ليبيا وما ادى الى نتائج كارثية في مقتل الرئيس معمر القذافي وفقدان الروس لموطئ قدم على شواطئ البحر المتوسط ومنطقة الشرق الاوسط . وابلغ تصريح اطلقة احد الساسة الروس مؤخرا عندما اعلن صراحة بان الشرق الاوسط الجديد تتحدد ملامحة من دمشق !!! . اذن للروس مصالحهم واهدافهم المستقبلية في المنطقة وهناك دور جديد يمكن ان يلعبة الدب الروسي وحلفاؤة في الشرق الاوسط على ضوء المتغيرات على الساحة السورية وما تفرزة الاوضاع الدولية فيما يخص الملف النووي الايراني .

6 - المكاسب العسكرية التي حققها الجيش السوري ضد المسلحين المعارضين وفي اغلب الجبهات وما يتمتع بة الجيش العربي السوري من تماسك ومن امكانيات عسكرية هائلة وما يحملة من عقيدة سياسية عمل النظام على تقويتة لعقود باعتبارة من دول المواجهة والمقاومة ، اضافة للضربات الجوية العنيفة التي وجهها النظام ادى الى شل حركة المقاومة السورية وتشتيتهم في مجموعات يصعب الاتصال بينهم مما ادى الى تراجعهم وارباك عملهم ، وما تميز هذا العمل العسكري وخاصة منذ تموز الماضي من قوة وقسوة وتحت انظار العالم ومن دون تدخل لايقاف الخسائر البشرية والمادية الباهضة . وما ظهر جليا على الساحة من تصريحات لجهات داعمة للمعارضة سابقا من تغيير في نبرة الخطاب وتغيير في السياسات السابقة والخيارات والحلول التي طرحتها بقوة في بداية الازمة . كل هذة المتغيرات تفصح عن ان تبعات الازمة وما تنتج عنها من تأثيرات وحرائق يمكن ان تتوسع مستقبلا ولايمكن التفكير بنتائجها او ايقافها عن الحدود السورية .

7 - الشعب السوري بات قانعا بان الحل السلمي والجلوس في مفاوضات على طاولة واحدة وبدعم من جميع القوى المؤثرة في الساحة الدولية والاقليمية هو الحل الامثل المتاح حاليا ، وان الرهان على تنحية بشار الاسد بطريقة مشابهة لما حدث في دول ما يسمى الربيع العربي صعبة المنال في المستقبل القريب لاعتبارات داخلية ودولية . وادرك الشعب السوري بان جميع القوى التي اظهرت التعاطف معة سرعان ما خذلتة وبقي وحيدا يلاقي شتى انواع الدمار والحرمان بمختلف اشكالة وانواعة ومن مصادر حكومية ومعارضة ومن ساندها من دول جوار على حد السواء ... وما تعرضت لة الاف العوائل السورية المنكوبة في مخيمات اللاجئين على الحدود التركية والاردنية من ذل وامتهان للكرامة واعتداء سافر على الحرمات بحجة الزواج من القاصرات وما تعرضت لة العائلة السورية الكريمة من مزايدات وقدح ظالم من اطراف تعتبر صديقة وشقيقة لهم .

اذن قد تستمر الحرائق هنا وهناك وقد تلامس حدود الجيران ويستمر العناء والحرمان والشقاء يلاحق السوريين وحدهم وتزداد اعداد القتلى والارامل والايتام والمعوقين وتبقى شعوب الدول التي مهدت لهذة الكارثة الانسانية مرفهة وابنائها في مصايف ومشتاي شتى بقاع العالم ينعمون بالرفاة والسعادة وصباياهم تتغنج القا وشبقا وشبابهم مفعم بالحيوية والفرح والسعادة وشيوخهم وأمرائهم في نعيم مرحلة المراهقة الثانية ... ومدنهم عامرة تعانق الشمس وبناهم التحتية راقية وجامعاتهم متطورة وحقولهم زاهرة ومصانعهم شغالة وابارهم النفطية منتجة على الدوام وجيوبهم وبنوكهم وبنوك اولياء نعمتهم متخمة بالدولار الاميركي العزيز ويبقى حكامهم وامرائهم ظل اللة في الارض .... ويبقى الحكام المسلطين على رقابنا من اصحاب الايدلوجيات يقمعون حرياتنا وينهبوا ثرواتنا ويعيثوا في الارض الفساد والدمار . لقد فعلها صدام وبدفع من السعودية ودول الخليج لادخال العراق في حرب طاحنة مع ايران وما لحق بنا من مصائب واهوال ... ونفس الفخ وقع بة الدكتور بشار الاسد عندما ورطتة نفس الدول في حرب غير مقدسة ضد الشعب العراقي بعد 2003 عندما اصبحت سوريا الملاذ والممر الامن لقوى الارهاب في طريقها لقتل حلمنا الكبير .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
أبو حيدرة
2012-10-31
أحسنت بارك الله فيك ... أنا معك أخي في مجمل ما قلته ... قدّم الله ما فيه خير وصلاح للأمة الإسلامية
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك