بقلم: داوود السعيد
مما لاشك فيه ان المأساة العراقية منذ غزو الكويت وحتى اليوم قد القت بظلالها على المنطقة وعلى الدول المجاورة للعراق بشكل عام .وتعد الأردن واحدة من اهم وابرز الدول المستفيدة فائدة استثنائية من المصائب والكوارث العراقية حتى صدق فيها القول : مصائب قوم عند قوم فوائد .فقد كان الطاغية المقبور يغذي الأردن بالنفط المجاني من خلال علاقته بالملك الراحل حسين وهي علاقة وطيدة وشخصية وكان دهاء وحنكة الملك كفيلة بتوجيه عقلية انسان جاهل ودكتاتور متخلف كصدام وتحقيق اكبر منفعة ممكنة منه ولهذا كان السخاء الصدامي للأردن استثنائيا بكل ماتعني الكلمة من معنى بل كان سندا قويا للأقتصاد الأردني وظل الأردن الفقير يعيش هانئ البال من جهة ضمان توريد ملايين اطنان النفط الخام المجاني وكأنها اقطاعية شخصية من املاك صدام يهبها لمن يشاء وهي واحدة من جرائم الطاغية المنبوذ في هدر اموال الشعب العراقي وخيراته فيما شعبه يعيش حياة الكفاف طيلة سنوات الحصار القاسية .واستمرت هذه الحالة طيلة حكم الطاغية ومعلوم للجميع ان الأردن وميناء العقبة كانت الرئة الوحيدة التي كان يتنفس منها العراق في ظل سنوات الحصار التي استمرت اكثر من اثنتي عشرة سنة كان العراق خلالها يستورد بمليارات الدولارات من السوق الأردنية وتطبق الأمم المتحدة اتفاقية النفط مقابل الغذاء عن طريق السوق الأردنية والموانئ والبنوك الأردنية .ولقد انعكس كل ذلك على الأقتصاد الأردني وحقق انتعاشا ملحوظا ونسبة نمو متميزة ولست انسى يوما كنت ازور صديقا في عمان اذ قال لي احد الأردنيين : انظر الى هذه المناطق : الصويفية وام اذينة وماحولها كلها انتعشت وبنيت بسبب العراق وحتى الكاردنز والشميساني شهدت نموا هائلا وحركة عمران بسبب العراق وهذه هي ارقى مناطق عمان .وبالطبع سيطول الحديث في شأن مدخولات البنوك الأردنية والأرصدة الضخمة المودعة في الأردن ناهيك عن نمو مصانع وشركات القطاع الخاص بفضل العلاقات التجارية والتصدير الضخم للعراق .واما بعد سقوط نظام الجريمة ...فالذي حصل هو قفزة هائلة وغير مسبوقة في الواقع المصرفي والعقاري في الأردن اذ انتقل عشرات الآلاف من كبار المستثمرين والتجار العراقيين للعيش في الأردن هربا من الأرهاب وجرائم المقاومة النظيفة واخواتها شريفة وعفيفة ورشيدة ...وانتقلت رؤوس اموال عراقية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات الى البنوك الأردنية حتى حقق الأقصاد الأردني نسبة نمو غير مسبوقة هي 6 بالمئة وهي نسبة مذهلة حقا قياسا لوضع بلد فقير وبلا موارد كالأردن حتى اني كنت اسمع تندر احد الأردنيين على بلده قائلا : لاخير في بلد اوله عقبة وآخره عقربة ...حيث تقع منطقة حدودية اسمها عقربة في مقابل ميناء العقبة المعروف ..في ظل هذا اوجدت السلطات الأردنية نظاما للأقامة ومنح الجنسية مقتصرا على اصحاب الملايين فقط من رجال الأعمال والتجار العراقيين ...وكان هؤلاء سببا مضاعفا للتحسس الذي يصل الى درجة الغيرة والكراهية في الشارع الأردني ضد العراقيين بدعوى انهم اشعلوا اسعار العقارات وانهم لصوص الحروب وسراق اموال ( القائد صدام ) الذين نهبوا بنوكه وجاؤوا بها للأردن وهو كلام تسمعه من عامة الناس في الأردن .وفي وقت يشكل فيه ابناء الطائفة الشيعية العراقيين نسبة عالية بل اغلبية التجار ورجال الأعمال الا ان السلطات الأردنية كان لها موقف آخر .اذ ان واقع حال الساحة الأردنية تسيطر عليه التيارات المتطرفة السلفية والوهابية حتى في دوائر الأمن وباقي مفاصل الدولة يضاف لهذا تصريحات سابقة لملك الأردن محذرا من الشيعة والهلال الشيعي ثم استخفاف السلطة في بغداد وعدم اكتراثها منذ صدام وحتى اليوم بشؤون الجالية العراقية الضخمة في الأردن ...فماوقع ويقع للعراقيين من مهانة واذلال واستعباد في الأردن وبالأخص في المنافذ الحدودية ومطار عالية هو صور من صور ماجرى ويجري للعراقيين في المخافر واقسام الشرطة من احتقار ومهانة ...ثم تطور الأمر في ظل رضا وقبول الحكومة بتتابع فصول المهزلة الى الفرز الطائفي فمن كان سنيا يسمح له بالدخول ومن كان شيعيا فلا ...وذلك من خلال الأستجواب الذي تجريه اجهزة الأمن الأردنية للعراقيين .ولقد زاد من تعقيد اوضاع الجالية العراقية في الأردن هو تحولها الى وكر من اوكار العصابات المساندة للأرهاب من خلال اقامة العديد من الساسة السنة العراقيين في الأردن مثل هيئة علماء حارث الضاري بكامل طاقمها وجوقة خلف عليان والمطلك وشراذم متطرفة اخرى تقيم بصفة شيوخ عشائر للمنطقة الغربية واعيان وكوادر حزبية من ايتام صدام ...لقد كان لهؤلاء دور كبير في التأجيج الطائفي ضد العراقيين بدعوى تحذير السلطات الأردنية من مخاطر قدوم الشيعة الصفويين المجوس الرافضة واقلاقهم الساحة الأردنية وكون قسم منهم من جماعة جيش المهدي ومليشيا بدر وهراء تافه من هذه البضاعة السخيفة المتعفنة التي لايستحون وهم يلوكونها ليل نهار ...بينما واقع الأمر هو هروب اولئك العراقيين من جحيم الأرهاب بحثا عن ملاذ آمن ولو كانوا شيعة او سنة فلايجدون الا من يطالبهم بتذكرة العودة مباشرة من حيث اتوا ...لكن الكارثة الكبرى التي وقعت بسبب هذا الشحن الطائفي المقيت هو ابعاد العراقيين بالقوة والقاؤهم في طريبيل وحيث تكون بانتظارهم عصابات الجريمة من( المقاومة الشريفة ) وحالما يجري التأكد من ان المبعدين هم من الشيعة يتم فورا فصل رؤوسهم عن اجسادهم ...وقد وقف المركز العراقي الألماني وقفة شجاعة لم تجرؤ عليها اية جهة ولا حتى حكومتنا الحالية وماسبقها من حكومات عندما وجه مذكرة الى كل الجهات المسؤولة والمنظمات الدولية فضح فيها اقدام السلطات الأردنية على ابعاد مئات العراقيين من اراضيها وهي تعلم علم اليقين ان ابعادهم برا ولكونهم من الشيعة سيوقعهم بين انياب مصاصي الدماء في المناطق القريبية من الحدود ...وقدم المركز قائمة بأسماء الشهداء المغدورين ...بعد كل هذا ..ماهو الموقف من الأردن وحكومته من جراء مااقترفوه بحق العراقيين ؟ ومن يطالب بحقوق الأبرياء؟ ومتى تكون لنا جكومة تفعل الخدمات القنصلية وتوجد سفارات شجاعة تدافع عن العراقي وتحفظ كرامته .....؟لكني اقول وياللأسف ان شيئا من ذلك بعيد المنال جدا ...بل ها هي دولتنا الجديدة تسير على النهج نفسه فتتملق الحكومة الأردتية فتكافئها على ماتقترفه بحقنا واليكم نص الخبر الذي تداولته وسائل الأعلام والذي لايحتاج الى اي تعليق :(( أكد رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت اليوم الأحد 18-3-2007 أن الرئيس العراقي جلال طالباني وعد أثناء تلقيه العلاج في مدينة الحسين الطبية الأسبوع الماضي بأن يتابع مسألة تزويد الأردن بالنفط استنادا للاتفاقية النفطية التي أبرمت بين البلدين في 15 أغسطس/آب الماضيتتضمن الأتفاقية تزويد الأردن بما بين 10 و30 بالمئة من احتياجاته البالغ حجمها حوالي 100 ألف برميل يوميا لكن لم يتم الإفصاح عن الأسعار))0اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha