( بقلم : علي عبد الهادي الاسدي )
كثيرا ما قرأت بعض الكتابات لبعض الكتاب محاولين إلصاق شتى التهم بهذا الدين المبارك ، بعضهم يكتب عن عمد وقصد و تشويه ، بسبب عقد نفسية استحوذت عليهم فلا يستطيعون منها خلاصا او انفكاكا ، فراحوا يلتمسون لعقدهم لبوسا شتى ، فقد يلجا بعضهم إلى لبوس الفكر الحر ، أو الفلسفة الحديثة ، أو التنوير والحداثة ، أو ما بعد الحداثة، أو لبوس العلمانية والعولمة و (( الدولمة )) ، أو غير ذلك من اللبوس ، وفي هذه المحاولات الدائبة في اتخاذها – اللبوس – دلالالة واضحة على قدرة النفس الإنسانية على التلون ، والتغيير والتكييف العجيب . انك لا تستطيع إلا أن تندهش لهذه القدرة الفائقة .
وبعض آخر يكتب وهو لا يفقه ما يكتب ، إنما هو ببغاء يردد مصطلحات ومفاهيم لا يعرف كنهها ، ولا حدودها استخدامها لا يميز بين الحقيقة والمجاز ولا بين الكناية والاستعارة . ثم إني وجدت ثمة شك قد تسلل إلى نفسي ، فوجدتي قد أصبحت على ريبة من أمر تمسكي بتعليمات هذا الدين المبارك ، بل قد ازدادت شكوكي وهواجسي لاسيما إني قد قضيت عمري متمسكا به . بل قد بنيت تمسكي به على بحث ودراسة ومقارنة مع غيره من المدارس الفكرية في ساحتنا الثقافية فوجدت فيه – مذهب أهل البيت (( عليهم السلام )) - ملاذا آمنا ، يمنح الروح طمأنينة وهدوءا وسلاما .
أقول لقد أصبحت على ريبة من أمري ، وظل السؤال هل الإسلام هو سر تخلفنا وانحسارنا الحضاري ؟! . لا يقولن احد نعم . انظر إلى سلوك المسلمين وتصرفهم ومواقفهم إزاء مختلف القضايا الحيوية التي تواجههم ، فانا لا انظر للإسلام من خلال سلوكهم لأنهم ليس نتاجا خالصا للإسلام .
إنهم نتاج خلطة عجيبة من المعارف و الثقافات قد يكون للإسلام النصيب الأضعف فيها تكوينا وتشكيلا . لا أريد أن أزعج القاري بمقال طويل لذلك سوف اطرح تساؤلات لعل في الإجابة عليها تتضح الحال فأقول : - 1 – هل حرم الإسلام فتح الجامعات ، وطلب من المسلمين والمسلمات دراسة الطب والهندسة وسائر العلوم التطبيقية والنظرية في المساجد ، وفي إعقاب الصلوات لزيادة الثواب مثلا . 2 – هل حرم الإسلام إقامة المعامل والمصانع ، واعتبر المخالف كافرا ، أو فاسقا ، أو فاجرا ، أو دعا المسلمين إلى مقاطعة إنتاجها – المعامل والمصانع – ، بل وأمرهم باتخاذ الحمير والبغال والخيول والنياق وسائط للنقل ،والزمهم بشرب الماء الحار في الصيف ، وعدم تدفئة الماء بالحطب شتاء ، وحرم استخدام وسائل الاتصالات الحديثة ، وأوجب عليهم الدعاء كوسيلة للاتصالات مثلا . 3 – هل حرم الإسلام زراعة الأرض ، واستخدام أحدث الوسائل من اجل تنميتها وتطويرها ، وفرض عليهم أن لا يأكلوا إلا ما أنبتت الأرض من حشائش وثمار ، وهل كان تحريم تطوير الزراعة لأن التطوير وبسبب الانشغال به سوف يمنع من اللطم وضرب الزنجيل والزيارة مثلا ؟؟!! . 4 – هل حرم الإسلام التجارة بمختلف ضروبها وفروعها ، وحرم تطوير أساليبها وفنونها ، لان في التجارة نماء للثروة ، و هي – الثروة – مفسدة للأخلاق ، ومشغلة عن الصلاة والصيام مثلا . 5 - هل حرم الإسلام بناء المستشفيات ، و مختبرات الأبحاث الطبية وغيرها لمختلف الأغراض ، والزم المسلمين بوجوب مراجعة المفتي مثلا لغرض الاستشفاء لديه بواسطة الإحراز والتعاويذ والأحجية . 6 – هل حرم الإسلام - على الحاكمين باسمه أو بغير اسمه - نشر العدل ، وبسط الأمن ، وتحقيق المساواة ، والتوزيع العادل للثروات . والزمهم بإعدام البريء ، أو ملء السجون بهم ، ونهب ثروة الغني ، وإشاعة الرعب والإفساد في الأرض ، وإهدار الثروات على الملذات والشهوات . لا أريد الاستمرار في هل وهل ... فالقائمة تطول . والجواب واضح لكل ذي بصيرة ، إننا متخلفون في كل المجالات في التعليم وفي الصناعة والزراعة والتجارة والأبحاث والحكم والسياسة ، إن التقدم والتطور في هذه المجالات كافة يعني امتلاك أسرار التفوق والغلبة الحضاريين ، الإسلام بريء من تخلفنا وجهلنا وأميتنا فلا تعلقوا عليه سر انحسارنا الحضاري .
ورب قائل يقول إن سر تخلفنا هو إننا لم نعط المراة حقوقها ، وهو أمر من أكثر الأمور إثارة للضحك عندي ، إنها طريفة من نوع طرائف (( فستقية )) ، ذلك لأننا نحن الرجال ومنذ أن توفي رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم )) والى يوم الناس هذا لم نعط حقوقنا ، حقوقنا في إنسانيتنا و كرامتنا وثرواتنا وحكمنا . وفاقد الشيء لا يعطيه كما يقول المناطقة . علي عبد الهادي الاسدي
https://telegram.me/buratha