خضير العواد
إن أسم الإنسان يدل على التحابب والتوادد لأنه من المؤانسة والإجتماع والمودة ، هذا في طبيعته الإنسانية بعيداً عن الأديان أو الأفكار الوضعية ولكن جميع الأديان في صميم تعاليمها تحاول تقوية الأخلاق والصفات الحميدة التي من خلالها يمكن أي يبنى مجتمع متماسك ورصين يساعد بعضه بعضاً ، لذلك فأن جميع الأديان الوضعية والسماوية تدعم طبيعة الإنسان الإجتماعية وتمدها بالأدوات التي تسهل هذه العلاقات الطيبة ما بين الناس إن كان من خلال ترغيبها بالنتائج المغرية التي سيحصل عليها الإنسان إذا فعلها ،
أما علاقة الأنسان مع ربه فتعتمد على مدى إلتزام الشخص نفسه بتنفيذ الأوامر التي ألزمه الله بها إذ يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ) ...(1) ، أي إن الله سبحانه وتعالى لا يأخذ الإنسان بجريرة أخيه الإنسان بل كل يحاسب على ما عمل وفعل في الحياة الدنيا إذ يقول الله سبحانه وتعالى (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشورا)....(2) ،
وقد ركزت الأديان السماوية والوضعية على أن الحاكم في كل شئ هو الله سبحانه وتعالى (أو الخالق) ولايمكن لأي أنسان أن يضع نفسه مكان الله سبحانه وتعالى ويجعل من نفسه حاكماً على العباد فيثيب هذا ويعاقب ذاك أو هو الذي يزكي العباد لأن الله سبحانه وتعالى قال ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته مازكا منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم)....(3) وقال سبحانه وتعالى في كتابه المجيد (فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون)....(4) ، لهذا فالذي يحدث الأن في الساحة الإسلامية وخصوصاً العربية من تعدي على تعاليم الله سبحانه وتعالى وأخذ وظيفته من خلال القضاء على الناس والحكم عليهم بشتى الأحكام الظالمة التي لم تنزل من السماء ولكنها من صنع البشر الذين تعدوا على الشرائع السماوية والوضعية قاطبة ً ،
فالذي تعمل به الوهابية اليوم في الأقطار العربية ما هو إلا وسيلة لتهديم المجتمع العربي وجعله مجتمع متفكك تأكل به الصراعات الطائفية التي أكلت الأمم التي سبقتنا بالتقدم اليوم كالمجتمعات الأوربية التي أحترقت بنار الطائفية لعشرات السنين ولكنهم لم يحصلوا منها غير القتل والدمار فتركوها وأتجهوا الى أحترام الحريات الشخصية ومنها حرية التعبد فقفزوا في سلم التقدم ، ولكن الوهابية اليوم تريد أن تدخلنا في الحروب الطائفية وهذه الفرقة لا تميز بين شيعي أو سني بل الجميع عندها منحرفين عن جادة الحق كما تعتقد ، ولكن أسيادها جعلوها تواجه الشيعة في هذه الأيام بسبب مواقفهم من دعم المقاومة ضد الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين وقدسها المغتصب وكذلك بسبب رفضهم للتواجد الغربي في المنطقة العربية ، ولكن بالرغم من كل هذا نلاحظ السلفية الوهابية لم تستطع إخفاء مواقفها المعادية من بقية المذاهب الإسلامية ، حيث حاولت تهديم أوتفجير قبور أهل البيت (ع) والعلماء والصالحين في مصر العربية ولكن تصدي علماء الأزهر لهم جعل محاولاتهم تبوء بالفشل ، ولكنهم أعادوا الكرَّة في ليبيا وقاموا بتهديم مساجد الصوفيين وكذلك تهديم قبر الولي أدريس و قبر الشيخ عبد السلام الأسمر مما جعل المسلمين قاطبةً سنة وشيعة ترفض هذا العمل الإجرامي الذي ترفضه جميع الشرائع السماوية والوضعية لما يمثل تهديد للسلم الاهلي الذي تبحث عنه جميع المجتمعات في العالم ،
لهذا يجب تثقيف الشباب العربي بأفكار الوهابية التكفيرية التي تهدد المجتمع المسلم بسبب أراءها المتشددة والبعيدة عن أراء الدين السمحاء التي يقول فيها رسول الله (ص) (بعثت بالشريعة السهلة السمحاء).....(5) ، حتى نعبر هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها الأمة العربية والتي تعتبر من أخطر المراحل لأنها تتجه الى الحرب الطائفية التي لاتبقي ولا تذر وسيخسر بها الجميع بدون إستثناء ولا يربح بها إلا أعداء هذه الأمة نتيجة الضعف الذي سيطرأ عليها بسبب هذه الحرب الملعونة ، ونبني مجتمع يعتمد على الحريات الشخصية وكذلك حرية التعبد وهذا سينتج نتيجة فهم الطبقة الشبابية للأخطار التي ستنتج نتيجة إنتشار أفكار الوهابية التكفيرية مما يؤدي الى أبتعادهم عنها ومحاربتها وطردها من مجتمعاتنا التي تحب السلم والسلام والإجتماع .
(1) سورة الحجرات أية 13(2) سورة الإسراء أية 13(3) سورة النور أية21(4) سورة البقرة أية 113(5) ذخيرة المعاد - المحقق السبزواري ج1ص97
https://telegram.me/buratha