المقالات

حقائق يجب أن لا تغيب عن أعيننا حينما نجد لهيب الأزمة يستعر (بحث عن ازمة الشيخ الصغير مع الأكراد)

1236 05:24:00 2012-08-29

بقلم: د. حسين الشويلي

وأخيرا انقشعت الأزمة التي تفجرت على حين غفلة من الجميع بين الأكراد وبين الشيخ الصغير، ولم يمض الوقت طويلاً حتى شهدنا تبادل الطرفين كلمات التفهم لما جرى، وقد شاهدنا كيف ولغ بمستنقع الفتنة الآسن كل من استطاع أن يريش سهماً للشيخ الصغير، والذي نسجل له هدوءه التام أمامها، وكأنه كان يقول صبرا لهذا اليوم فسوف ينبلج الفجر عما قريب وتبان الحقائق، وسرعان ما عم الهدوء بين طرفي الأزمة لتبقى شلة الفتن مكشوفة القناع، حسيرة الرأس، لا أدري إن كانت تعبر عن خيبتها بعدم حصولهم على ما يتمنون، او لأنهم لا زالوا يعتقدون أن بإمكانهم من جديد أن يشعلوا نار الفتنة، وقبل أن نعلق على مواقف هؤلاء لا بد من أن نثبت حقائق أساسية:

أولاً: ليست هذه الهجمة الشرسة هي الهجمة الوحيدة التي جمّعت معاشر الطبالين والزمارين ضد الشيخ الصغير، إذ هاهو الأنترنيت ومواقعه تكشف أن الشيخ الصغير واحد من أكثر الشخصيات التي هوجمت من قبل هؤلاء، ولو أضفنا لها أنه أكثر شخصية استهدفت أمنياً، ولو أضفنا لذلك كله أنه هوجم من قبل أطياف موسومة بالطائفية، أو الدعم للإرهاب، أو القائمين على الفساد وداعميه، أو المجندين امريكياً تحت غطاء الليبرالية، أو التيار اليساري المتطرف، او المنحرفين عقائدياً، وهذه السعة في الاستهداف السياسي والاعلامي والأمني تظهر ولاشك شراسة المستهدفين، لأنهم مزودون بخاصية القدرة على الكذب، فيما يفتقدها هو، مما يعطيهم مناورة كبيرة للتحدث عنه، ولو راجع الباحث عن ذلك عدد ما ألصقوه به من تهم وأكاذيب يظهر أن الرجل قد سبب لهؤلاء جميعاً الكثير من الصداع والأذى مما جعل مشاربهم المختلفة تتفق على تشويه صورته، ولكن من بعد ذلك كله ماذا وجدنا منه؟ ومنهم؟ فقديماً قيل قل لي من عدوك أقل لك من أنت؟ وها هو الشيخ الصغير من خلال هذه الهجمات يبرز للجميع من هم أعداءه... وقديما قيل: قل لي ماذا تريد؟ كي أعرفك .. وها هو الشيخ الصغير قد أبرز ماذا يريد؟ فماذا أراد خصومه؟ أما الطائفيون فكانوا يهاجمونه في عزّ تحركهم لذبح أبناء العراق، وأما البعثيون فكانوا رأس الأفعى عليه في عزّ تآمرهم على العراق، وأما المفسدون فقد هاجموه في عزّ نهبهم لثروات العراق، وأما المجندون أمريكياً فإنهم هاجموه دوماً في عزّ رغبة أمريكا في تنفيذ مخطط غزوها الثقافي والفكري، أما اليساريون فقد هاجموه في عزّ انحسار وجودهم الفكري والاجتماعي في العراق، ولكن ماذا حصل للشيخ الصغير؟ هل خفف من لهجته ضد هؤلاء جميعاً؟ وهو لا يملك إلا لسانه، وما اعتقده جزماً ـ وأنا متابع لحديثه دوماً ـ أن موقفه لم يتغير من الجميع، وأن تهالك الجميع عليه يظهر سعة تصديه، وعدم تهيبه من جميع هؤلاء، وعدم مبالاته بما يقيؤونه على الناس، بل تثبت له كل هذه الحملات أنه كان الأشجع منهم جميعاً، لأنهم من بعد كل فترة يهدؤون، ولكننا لم نجده قد هدأ يوماً.

ثانياً: اعتقد أن نتائج الأزمة حققت لجهد الشيخ الصغير امتيازا لا اعتقد أنه خطط له، او حتى انتظره، ولكن حماقة الكثير من المهرجين وممن ولجوا متقحمين إلى هذه الساحة أعطوا لهذا الامتياز زخماً في غاية الأهمية وهي ان قضية الإمام المنتظر عجل الله فرجه ما عادت قضية خاصة ببعض المنتديات الشيعية المغلقة، بل إن الأزمة أطلقت القضية في فضاء اوسع بكثير مما كان يحلم به أي احد من المضطلعين بشانها، صحيح أن تهريجاً وسبابا قد علا هنا وهناك، ولكن الصحيح الآخر أن أسئلة كبرى قد طرحت او ستطرح في أذهان من أعاد الشيخ الصغير لهم قضية الإمام المهدي عليه السلام من مجرد قضية فكرية أو حديثية إلى مسألة يجب مناقشتها على المستوى الواقعي المعاصر، وصحيح أن الأصوات العلمانية كانت متربصة بهذا الموضوع بمجرد طرحه لكي تنقض عليه، ولكن غباء العلمانيين يبقى يكرر نفسه رغم تجاربهم الكثيرة والتي أثبتت أن كيدهم رد على مناحرهم، ولو تذكر المهرج فخري كريم وزمرته قضية صادق جلال العظم، أو هادي العلوي أو بو علي ياسين حينما هاجموا الفكر الديني في السبعينات كيف تحول هذا الهجوم إلى إندحار كبير للفكر الشيوعي والعلماني على حد سواء، ولو تذكر الدمية حسن العلوي ما فعل بتأليه المجرم صدام في ألف باء وكيف عاد هذا الفعل على ردة فعل شاملة أطاحت بكل حصاد البعثيين.. بل أستطيع جازما القول بأن الأزمة انكشفت عن تنبه الشيعة لقضية إمامهم أكثر من ذي قبل، وتنبه الاكراد إلى قضية ناصرهم وأملهم في خروجهم من الظلم، وتنبه أهل السنة بدورهم إلى قضية لا يمكن ان يقفوا امامها متفرجين، وليس هذا الأمر مقصور على العراق، بل امتد إلى كل من سمع قرقعة الفتنة وزمجرتها. وعليه فاعتقد أن مسؤولية الشيخ الصغير وأمثاله من العلماء غدت اكبر بكثير من ذي قبل لن سيلاً من الأسئلة يجب ان يجاب عليه، وسيل من المفاهيم يجب أن توضح، كما واعتقد أن مسؤولية الإعلام الشيعي باتت أكبر من أي وقت مضى للعب دورهم في هذا الصعيد، فكرة الثلج أطلقها المهرجون وما عرفوا انها عصا موسى التي ستأكل كل سحرهم وما يأفكون.

ثالثاً: إن الأزمة أظهرت أن المستهدف لم يكن الشيخ الصغير فحسب، وإن كان هو واجهة الاستهداف، بل إن المستهدف السياسي كان منصبّاً على تخريب العلاقة بين المكونين الكردي والشيعي على المستويين الاجتماعي والسياسي، والمستهدف العقائدي كان هو الفكر الشيعي، وتظهر الكثير من الكتابات التي اعدت لمثل هذه الأزمة أن العديد من الذين تقحّموا هذا الميدان سارعوا بتسجيل حقيقة استهدافهم، فهم لم يتوقفوا كثيرا عند الشيخ الصغير، بل راحوا يطالون وبشكل مستعجل عقيدة الإمام المنتظر عجل الله فرجه وقضية التحالف بين المكونين، ولئن استطاع الشيخ الصغير في خطابه الذي وجهه يوم الجمعة الأخيرة، وكذلك في خطابه للشعب الكردي عبر وكالة خندان، ولربما غيرها أن يقضي على أحلام هؤلاء بتخريب العلاقة بين المكونين، مما أعاد المياه لمجاريها، بالرغم من أنه أشار إلى عدم الاستهانة بالمشاكل الموجودة بين الطرفين، إلا أن البعد العقائدي سيحتاج إلى فترة أطول، ولعله من حسن الحظ أن تستهدف العقائد من خلال استهداف الشيخ الصغير، إذ أن المعروف عن الرجل طول باعه في هذا المجال، ولعله من الآحاد في الساحة الفكرية ممن يشار له بالبنان في المسائل العقائدية والفكرية، أقول لعله من حسن الحظ لأنه سيثري عزمه، ولكن هذا لا يسقط المسؤولية عن الآخرين في حمل أعباء هذا الفكر ومهمة توضيح حقائقه.

رابعاً: من المعروف أن التيار اليساري والليبرالي بصورة عامة يغني ليسمع نفسه، لأن سمفونيته ما عادت لتطرب أحد، وقد مني التيار اليساري بهزائم كبرى خلال هذه الفترة، ليس في العراق فحسب، بل في كل البلدان الإسلامية، ومن سوء حظوظهم أن يكوّن مبرّزيهم متهمون سلفاً من قبل نفس التيار في أي قضية يتحدثون بها، ولذلك كل هذا التهريج الذي قاموا به ونفذته مؤسسة فخري كريم وأعني جريدة المدى، ومؤسسة تلفزيون السومرية المعروفة بتدخل الأيادي الصهيوينة عبر حزب الكتائب فيها، وقناة الحرة الأمريكية والممولة مباشرة من الخارجية الأمريكية، والموجهة مباشرة من قبل الاستخبارات الأمريكية، وهم المؤسسات التي رعت هذه الهجمة وحاولت تأجيجيها قد عاد عليهم بخسران كبير، فقد يتصور هؤلاء أنهم أصابوا من الشيخ الصغير مقتلاً، ولكن الواقع الحقيقي في الشارع الشيعي أنهم قدموا خدمات كبرى له، فمن أوضح الواضحات ان وضعه قد تعزز بشكل كبير وزاد من انتباه هذا الشارع لما يقوله ولما يتحدث به.

وللحديث تتمة لما تنتهي بعد...

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو عقيل
2012-08-29
طالما اتحفنا ياسماحة شيخنا الجليل وكم استغربنا من هذا الموضوع الذى حقيقتا ارد به الاعداء الايقاع بين الشعب العراقى ولكنك بحكمتك التى عرفناها وصبرك واناتك قد عملت جاهدا على انقشاع هذه الغمه عن هذه الامه حماك الله ياشيخنا العزيز ورعاك واسعدك
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك