الباحث والاعلامي : قاسم بلشان التميمي
لم تكن دعوة الإمام الخميني (قدس سره) اعلان اليوم العالمي للقدس دعوة عابرة بل هي دعوة تشخيص لواقع الامة وهي دعوة اريد منها التواصل والتفاعل مع قضية المسلمين الاولى (القضية الفلسطينية) ، لان الامام الخميني (رض) ينظر الى القضية الفلسطينية نظرة بعيدة المدى باعتبارها قضية كل العالم المحب للخير حيث يقول رضوان الله عليه(انها أي قضية القدس مسألة تخص الموحدين في العالم، والمؤمنين في الاعصار الماضية والحاضرة والقادمة ومنذ اليوم الذي وضع فيه الحجر الاساس للمسجد الاقصى وحتى الان وما دام هذا الكوكب السيّار يدور في عالم الوجود)ان روح الله استطاع ان يجعل الصراع مع الصهيونية يتخذ شكلاً آخر، إذ استطاع (رض) وبوحي من إدراكه السليم لابعاد القضية الفلسطينية، واعتماده دوراً محورياً للجماهير، ومواقفه الجريئة والشجاعة في التصدي للمشاريع الصهيونية، استطاع ان يخلق ظروفاً صعبة لهذا الكيان الغاصب. ان اعلان يوم القدس العالمي من قبل الإمام الخميني (قدس سره) في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، بشر ومهد بحركة جديدة ومختلفة لتصحيح مسار نضال الشعب الفلسطيني. وهي خطوة كبيرة باتجاه تحرير القدس ، لان الامام الخميني باختياره يوم الجمعة وهو عيد الاسلام وكذلك اختياره الاعلان في شهر الله رمضان الكريم لم يكن هذ الاعلان عن فراغ بل هو اعلان واختيار بمنتهى الدقة ويمثل نظرة ثاقبة الى الامور وليس هذا فحسب بل ان الاعلان يجسد بشكل لا يقبل الشك النظرة التحليلية للامور ويؤكد ان روح الله كان على علم مسبق وهو المؤيد والمسدد من قبل الله على ان لا نهضة للامة ولا مجال لتقدمها وتحررها دون التركيز والاهتمام بقضية فلسطين وحقيقة ان هذا الامر ليس بغريب او مستبعد على امتداد الشجرة المباركة .ان الاحتفاء بهذا اليوم من كل عام، وفضلاً عن أنه يحث العالم الإسلامي بل الانسانية جمعاء على الاقتراب من الفكر الاستراتيجي لروح الله، يلفت انظار شعوب العالم أيضاً إلى هزالة وضعف (الكيان الصهيوني وعدم مشروعيته)، كما ان يوم القدس يضيء قلوب المؤمنين بنور الايمان تجاه القضية الفلسطينيى. ان اعلان يوم القدس العالمي أخرج القضية الفلسطينية من إطارها القومي وأضفى عليها بعداً إسلامياً وانسانيا وعالمياً، ووضع الكيان الصهيوني في زاوية ضيقة جدا حيث يحرص هذا الكيان دائماً على اظهار الصراع وكأنه صراع عربي إسرائيلي، غير أنه ومع اعلان الإمام الخميني (قدس سره)، عن هذا اليوم بثت روح جديدة في الجانب الإسلامي ، و أدى ذلك إلى أن يفكر المناضلون الفلسطينيون ويعتقدون بأن كل الاسلام وكل محبي السلام ومحبي الانسانية في العالم معهم الامر الذي اعطى ويعطي دفعات معنوية عالية جدا قادرة ودون ادنى شك من اسقاط الكيان الغاصب،ولكن الذي لا يمكن تجاهله ان عدد (لا بأس به) من حكام الشعوب العربية والاسلامية وللاسف الشديد يقومون بدور هدام في محاولة نسف القضية الفلسطينية ،وفي هذا الصدد يقول الإمام الخميني قدس سره(ان اختلاف وعمالة بعض رؤساء البلدان الاسلامية لا يعطيان الفرصة والإمكانية لسبعمائة مليون مسلم في ان يحلوا مشكلة القضية الفلسطينية التي تمثل اشد مصائبنا).وبقوله هذا (رض) فهو يحدد بشكل لا يقبل الشك ان المشكلة ليس في المجاهد العربي او الاسلامي وانما المشكلة هي وجود بعض الحكام العرب، ويتجلى هذا واضحا في قوله (ان الأنانية والعمالة واستسلام بعض الحكومات العربية للنفوذ الأجنبي المباشر يمنع عشرات الملايين من العرب من إنقاذ فلسطين من يد الاحتلال الإسرائيلي) ويضيف الامام الخميني قدس سره(ان اكثر الحكومات مشغولة بالقيام , والقعود والمفاوضات التي لا نتيجة منها تاركين المجاهدين الفلسطينيين الشجعان الذين يقاومون "اسرائيل" برجولة لوحدهم).،وهذا التشخيص قبل عدة عقود من قبل الامام الخميني (رض) هو تشخيص دقيق بل في منتهى الدقة ويتجلى هذا واضحا من خلال المستجدات على الساحة العربية وتغيير خريطة بعض حكام العرب.ان الامام الخميني قدس سره كان يرى ان الشعوب المؤمنة هي التي تصنع تاريخها ومجدها وهي الوحيدة القادرة على تحرير الارض شريطة ان تعتمد على الدين والتعاليم الاسلامية العظيمة وان تجعل القران الكريم دستورها وتعمل بتعاليم كتاب الله ، وفي هذا المجال يقول الامام الخميني(لو ان الشعوب المسلمة وبدلاً من الاعتماد على المعسكر الشرقي او الاخر الغربي اعتمدت على الاسلام ووضعت تعاليم القران النوارنية والتحررية نصب اعينها وعملت بها لما وقعت اسيرة للمعتدين الصهاينة) ، كما ان الامام الخميني (رض) كان يدعو الى الوحدة وعدم التشرذم وكان يدعو الى نبذ الخلافات والانتباه الى ما يوحد الامة الاسلامية، حيث يقول رضوان الله عليه ( ان الاختلافات هي التي سببت وجود الصهاينة هنا وأتاحت لهم الفرصة لتثبيت انفسهم). ان الامام الخميني (رض) ينظر الى يوم القدس باعتباره يوم حياة وعمل حيث يقول(يوم القدس، يوم حياة الانسان، يجب ان يصحو جميع المسلمين وان يدركوا مدى القدرة التي يمتلكونها سواء المادية منها ام المعنوية)،ويضيف (رض) في كلامه عن يوم القدس قائلا (يوم القدس، ليس فقط يوما لفلسطين، انه يوم الاسلام، يوم الحكومة الاسلامية يوم يجب ان تنشر فيه الجمهورية الاسلامية اللواء في كل انحاء العالم) ، واعتقد ان هذا الكلام هو كلام واضح وسليم وهو اشارة الى دولة الحجة (عج) ومن هذا المنطلق يجب علينا جميعا شباب وشيبة وعجائز واطفال ان ننهض بالقضية الفلسطينية من خلال نهضتنا بيوم القدس العالمي . ونعتبره كما اعتبرة روح الله يوما للاسلام حيث يقول (رض) "انني اعتبر يوم القدس يوماً للاسلام ويوماً لرسول الله (ص) ويوم يجب ان نجهّز فيه كل قوانا لاخراج المسلمين من العزلة".ونحن اليوم اذا كنا احرار وكنا على قدر من المسؤولية علينا السير على خطى الامام الخميني (رض) وجعله مصدر الهام للتحرر من الذل والعبودية، وسلام على روح الله يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا.
https://telegram.me/buratha