بقلم:نائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي
ايدنا جولات التراخيص رغم معارضة من اوساط واسعة رسمية وشعبية. فالسياسة النفطية تطلبت في ظرفنا المحدد -وليس المفترض- ايقاف التراجع، واعادة هيكلة الصناعة النفطية في كوادرها وقدراتها ومنشآتها.. واستغلال الاحتياطات الضخمة خلال العقود القادمة، التي لا قيمة لها تحت الارض، بينما يعيش الشعب الفقر والتخلف على سطحها.
وقعّت كردستان عقوداً، مواردها لخزينة الدولة. بالمقابل، ورغم بعض التأخير، وبشفافية عالية نظمت جولات التراخيص.. فسجلت انجازاً للسيدين رئيس الوزراء ووزير النفط انذاك. فشهدنا زيادة ملحوظة في انتاج الجنوب وكردستان والصادرات والموارد. شخصياً، اعتمدت في كل النقاشات حول طبيعة العقود وجدواها، مبدأ باربع نقاط: اعلى موارد ممكنة.. لاطول فترة ممكنة.. باقل الكلف الممكنة.. وبناء القدرة والقرار الذاتيين، لتدريب كوادر، وتحريك عوامل انتاج، دون مس بقرار او سيادة البلاد. وكانت الرؤية المتفق عليها بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، إحداث نوع من الشراكة الطويلة الامد مع الشركات الكبرى، بتوازناتها وتعددياتها، بما يؤمن مظلة كبيرة لمصالح البلاد، باوجهها المختلفة للعقود القادمة الحاسمة لمستقبل النفط.
ومنذ الجولة الاولى تكّشف ان التشديد على سعر البرميل -حرصاً- ليس كل شيء.. فالارخص ليس الاوفر والافضل دائماً.. والسياسة النفطية ليست بيع بالمفرق، بل اقرب للجملة. والاهم النظر للموارد والحقوق، بابعادها المختلفة. لاشك ان الابار المنتجة في الجنوب معروفة وسهلة الانتاج، وتختلف عن الجديدة في كردستان وصعوباتها. فتشددت بغداد، وانفتحت كردستان.. بعقود تحقق معدلات ربح للشركات اعلى من التراخيص.. وبمعاملات وظروف اسهل وانسب، وارتباطات ادوم. فازدادت عوامل الاغراء والجذب، لتصل لـ"شيفرون" و"اكسون" و"توتال". وهذه مؤشرات مهمة، لا يمكن لبغداد الاستمرار بمعالجتها بالقوائم السوداء.. التي قد ترتد على التراخيص ونوعية شركاتها والعلاقات معهم، بابعادها الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية. من هنا اهمية قانون النفط، والذي اعده خيرة خبرائنا النفطيين.. والذي كان سيؤطر موقف الاقليم والمحافظات والحكومة.. وينسق المواقف المتباينة.. في سياسة متكاملة وكلية، لمصلحة الاطراف والبلاد.
اما قانونياً، فقول الطرفين بالدستور بداية اساسية للحل. فالمناوشات والتوترات لن تضيف للنار المتصاعدة سوى نفطاً اضافياً. ونعتقد ان هيئة تضم خبراء عراقيين، واجانب، وقانوني الشركات المتعاقدة مع بغداد وكردستان او غيرهم، باشراف الحكومة والبرلمان والمحكمة الاتحادية وحكومة الاقليم، ستوضح المباني الدستورية والعملية.. ليتسنى البناء على الحقائق وليس مجرد الاثارات والتهديدات المتبادلة.
https://telegram.me/buratha