هادي ندا المالكي
على مدار السنوات الماضية التي اعقبت سقوط نظام صدام عام 2003 جربت الحكومات المتعاقبة الف طريقة وطريقة لوقف الاعمال الارهابية التي كانت ولا زالت تستهدف المواطنين الابرياء دون جدوى لان المفخخات والانتحاريين والعبوات اللاصقة والكاتمة لا زالت تحصد العشرات بل المئات في بعض الاحيان من ارواح المواطنين الابرياء في كل مناطق وقصبات ومحافظات البلاد طولا وعرضا وان كانت النسب متفاوتة بين منطقة واخرى تبعا لمزاج ورغبة العصابات الارهابية.وما يسجل على اداء الاجهزة الامنية طوال الفترة الماضية هو ان المجاميع الارهابية التي عاثت في الارض فسادا واهلكت الحرث والنسل لم تواجه بقوة ردع كافية تمنعها من القيام باعمالها الاجرامية او تحد من خطورتها او تقلل من اعداد الخسائر في الارواح والممتلكات او تأخذ منها زمام المبادرة، بل وجدنا ما هو عكس ذلك تماما فالعصابات الاجرامية هي التي تقرر اين وكيف ومتى تقوم باعمالها الاجرامية اما عمل المؤسسات الحكومية الامنية فيقتصر في اغلب الاوقات على الانتظار والشجب والاستنكار.وليس صعبا تشخيص الامراض المستعصية في اداء الاجهزة الامنية والتي تتسبب عادة بمثل هذه الاختراقات المتكررة والتي يمكن اجمالا الاشارة اليها على انها اعراض واضحة في منظومة الملف الامني المتدهور، من اهمها الفساد المالي والاداري الكبير الذي ينخر جسد المؤسسة الامنية وغياب الخطط الاستراتيجية المتغيرة واختراق الاجهزة الامنية من قبل العصابات الاجرامية وانتشار الرشوة والمحسوبية وانعدام الجهد الاستخباراتي ونمطية الاعداد والتدريب وغياب حملات التوجيه والتعبئة وضعف مظلة القانون وعدم قدرته على توفير الحماية الكافية لمنتسبيه الذين لا زالوا يتحرجون من ارتداء الزي الرسمي في الشوارع والاسواق او خلال نزولهم الى مناطقهم؟. وقد يشخص على انه ضمن الامراض المستعصية التي تصيب المنظومة الامنية هو عدم تسمية الوزراء الامنيين حتى هذا الوقت رغم مرور اكثر من عامين على تشكيل الحكومة الحالية وابقاء هذه الوزارات بعصمة القائد العام للقوات المسلحة.وقد يكون من الامراض المستعصية الاخرى لضعف ادارة الملف الامني هو التهاون الصريح من قبل مسؤولي الملف الامني بدماء ابناء الشعب العراقي لدرجة ان سقوط العشرات بين قتيل وجريح ونفاذ الارهابيين الى قلب المؤسسات الامنية لا يعتبر خرقا امنيا او جريمة تستحق الوقوف عندها واجراء تغييرات شاملة في الخطط والقيادات الامنية.كما ان مجلس النواب يتحمل مسؤولية كاملة في تدهور الوضع الامني بمعظم مناطق البلاد لانه لم يقم بما هو واجب وحق عليه على اعتبار انه ممثل الشعب والمدافع عنهم فهو لم يطالب باستجواب المسؤولين الامنيين على خلفيات الخروقات الامنية اليومية ولم يصر على تعيين الوزراء الامنيين ولم يتحمل مسؤوليته بتعيين وعزل القيادات الامنية ..ان كل ما استطاع اعضاء مجلس النواب القيام به هو التصويت على صفقة شراء السيارات المدرعة لحماية انفسهم وليس معنيا بالاخرين طالما ان الاخرين لا يحسنون المطالبة بحقوقهم.ان مكامن الخلل والتقصير في اداء الاجهزة الامنية واضحة ولا تحتاج الى فتاح فال ليكشفها للمسؤولين والقادة الامنيين لكن هل بامكان هؤلاء القادة معالجة هذا الخلل وهذا الضعف ..اشك بذلك لانهم لو كانوا قادرين على وقف هذا التداعي في اداء منظومة الاجهزة الامنية لاوقفوه منذ سنوات.
https://telegram.me/buratha