بقلم: نائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي
يريد البعض لمعركة سوريا ان تكون معركة بين العلويين والسنة، كما اراد غيرهم في العراق ان تكون بين الشيعة والسنة. فالوقائع تشير ان التغييرات السياسية تحمل معها تغييرات بموازين القوى المذهبية.. وهذا امر طبيعي يفرض نفسه طوعاً او كرهاً، كما بين السلاجقة والبويهيين، والفاطميين والايوبيين، والعثمانيين والصفويين والوهابيين.. فللمذاهب -ابتداءاً- ابعاد سياسية.. وسيجني ابناؤها سلبيات او ايجابيات سياساتهم.
فالاسلام ينتشر.. وستنتشر معه المذاهب، وتسجل حضوراً في مساحات تزداد اتساعاً.. دون ان يعني ذلك، بالضرورة، تقدما حضارياً ينسجم والمخزون العظيم الذي يملكه او يملكونه. فالشيعة اليوم اقوى الف مرة عما كانوا عليه قبل عقود وقرون. والسنة ليسوا اضعف مما كانوا عليه.. بل ازدادوا انتشاراً وقوة. فلا شيء يهدد السنة او الشيعة اكثر من انفسهم، والتطرف الذي يصيب غلاتهم.. فالشيعة لهم مرجعية قوية.. ومؤسسات ودول.. وسيحققون اكثر، لو اجادوا الانفتاح والادارة كما يجيدون الحرب والمعارضة. وكذلك للسنة هيئات ودول متمرسة وقوية، ومواقع متقدمة، محلياً وعالمياً.
السنة اغلبية.. لكن الشيعة ليسوا اقل عدداً وقدرة في قلب العالم الاسلامي، ومنطقة الشرق الاوسط ومناطق نفط المسلمين.. لذلك عندما ياخذ الرعب البعض من التغيير في العراق.. ويكتشف اغلبيته الشيعية.. وما اسموه بالهلال الشيعي.. وحقائق اليمن والبحرين.. والكثير غيرها، فهذه ليست مؤامرة، وتصدير ثورة، وسعي لايذاء السنة وازاحتهم، بل هي حقائق.. دُفعت خارج الدائرة لتعود مجدداً اليها. وعندما يأخذ الرعب البعض من تطورات الوضع في مصر واحتمالات الاوضاع السورية، والكثير غيرهما، فليس سببه مؤامرة او سعي لايذاء الشيعة وغيرهم وازاحتهم، بل لان الامور يجب ان تأخذ ابعادها الطبيعية.. فعصر الاعتراف بالاخر، والحريات والديمقراطية والاتصالات، اطلق وسيطلق ما اختزنه التاريخ والحياة، ولا مفر من ذلك.. رغم ما جرنا وسيجرنا اليه الغلاة والمتعصبون من اضرار وخسائر.. والتي نأمل ان يتداركها العقلاء.. الذين لا يعني دفاعهم عن حقوقهم، الاعتداء وانكار حق غيرهم. فالمشكلة ليست في تعايش المدرستين، على اهميته، بل بمنع الفتنة واقامة علاقات ونظم تسمح للمواطنين، كل المواطنين، من شيعة وسنة، اكثرية واقلية، مسلمين ومسيحيين وغيرهم، بالعيش والاستقرار في اوطانهم.. يتمتعون بالحقوق، بمساواة وعدل.. دون ان يستغل التطرف والمصالح السياسية التفسيرات المتباينة.. لتتحول الى صراع واقتتال بين طوائف، سيخسر فيها الجميع.
https://telegram.me/buratha