بقلم نائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي
عندما نختلف في ايام الاستقلال والاعياد ورموز السيادة، فان اسئلة جدية تطرح نفسها.. فهل هذه ظاهرة صحية؟ ام بالعكس مرضية تتطلب التشخيص والعلاج؟ فعندما يفرض الحكام مع كل تغيير تعابيرهم ورموزهم واحداثهم، فيأتي خلّفهم لينسفها من اساسها ايضاً، وفق فهمه واولوياته، فاننا امام مشكلة.. فالتغييرات هذه لا تحصل على مدى قرون بل بحساب السنين.. خصوصاً وان الانقلابات والثورات هي غالباً اقرب لانقلابات القصر، ليس الا.
وهكذا، وبجرة قلم تتغير الدساتير والقوانين والعَلم والعملة والنشيد الوطني، الخ. فمنذ 1921 تغير العلم، بمعدل علم لكل عقد تقريباً.. فشهدنا الملكي، والاتحادي، والقاسمي، والوحدة الثلاثية، واسم الجلالة بخط صدام، وعلم اقره "مجلس الحكم" ورفض بسرعة.. والعودة للسابق بالخط الكوفي.. واخيراً بحذف النجوم الثلاث. وتغيرت العملة بطبعات ورموز مختلفة لحوالي 15 مرة او طبعة، للفترة ذاتها.. وبالطبع تتغير تبعاً المناهج التعليمية والطوابع وجوازات السفر والاوراق الرسمية ولافتات الشوارع والدوائر.. واسماء الالوية والمحافظات وحدودها والفرق العسكرية، الخ. فنحن امام ارتباك يفسر الكثير من الظواهر التي امامنا.
فهل نلوم الحكام فقط.. ونعذر القوى السياسية، وهي القاعدة الرئيسية للتثقيف الذي يحمل الحكام لدست الحكم بنظرياتهم ومفاهيمهم الجديدة. صحيح انه عندما تعتبر الحكومات معارضيها خونة وتنزع عنهم وطنيتهم.. فان ثقافة مقابلة تترسخ لدى المعارضين بانه يجب نزع الوطنية، شكلاً ومضموناً، عن الحكام، المطلوب اسقاطهم. رغم ذلك فرد الفعل غير مبرر، ولا يكفي لتفسير تصرفات قوى تدعي تمثيل الشعب، كل الشعب، وامتلاك برامج لبناء دولة ووطن.
فاذا كنا جادين فيما ندعي، فعلى حكوماتنا وقوانا السياسية، بل على الاعلام وهيئات الرأي والمؤسسات الدينية والمدنية احترام قواعد الوحدة العراقية والعيش المشترك، وعدم جعل التغييرات والخصوصيات قاعدة لالغاء الوطن او الاخر او الاعتداء عليهما. فاحتواء الرموز والحقوق والدساتير والقوانين والعطل الرسمية والاعياد بما يضمن رضى الجميع او عدم الاعتداء عليهم.. او لما يشير لتغييرات جذرية، هو امر مطلوب ومحمود.. لكننا في تجاربنا الماضية، لم نراع متطلبات الوحدة، وتجاوزنا حدود التعددية، الى فوضى وتخبط. فصار تغيير الحكام، وكأنه تغيير الاوطان، بكل المرتكزات والرموز والدلالات.. فالوطن يقوم على دعائم وحقائق، والالاف من السنين قد برهنت عليها. فان انكرناها فهذه مصيبة، وان كنا نتصرف دون ان نعرفها، فالمصيبة اعظم.
https://telegram.me/buratha