حافظ آل بشارة
اليوم تمر ذكرى غزو الكويت في 2 آب 1990 ، اجتياح دولة عضو في الامم المتحدة والجامعة العربية واعلان ضمها الى العراق كمحافظة ، كان الغزو والضم متوقعا ، وعشية انتهاء الحرب مع ايران في 8/8/1988 قال أحد المعارضين (صدام سيفقد تأييد الغرب وسيهاجم الكويت ) وبعد سنتين تحقق توقعه ، ولكن ايضا كان الغزو ضروريا ومطلوبا ولا بد ان يحدث ، عدة استحقاقات كانت تؤدي اليه : 1- صدام فشل في اسقاط النظام الاسلامي في ايران وبذلك فشل في ان يكون شرطي المنطقة ، ولكنه تحول الى دولة عسكرية كبيرة بجيش مليوني وترسانة اسلحة هائلة تقوده قيادة حمقاء وعدوانية ، يجب ابادة الجيش العراقي بشرا وسلاحا لانتفاء الحاجة اليه ، والغزو وما يعقبه من هجوم عالمي يضمن ذلك .2- الغربيون حملوا صدام مسؤولية فشل اسقاط نظام ايران ورفعوا ايديهم عنه ليواجه ازمات ما بعد الحرب فقرر ان يتمرد وينتقم فكان غزو الكويت مجرد تعبير عن التمرد على الاسياد وتهديد لمصالحهم في المنطقة .3- الكويت دعمت نظام صدام في حربه مع ايران بتوجيه غربي ، ثم قطعت دعمها عنه بعد انتهاء الحرب بتوجيه غربي ايضا فاثارت اعصابه وجعلته يتخذ قرار الغزو متجاوبا مع منظومته النفسية الانتقامية العمياء .4- الغزو مطلوب اميركيا كفرصة لتجديد تحالفات واشنطن في الغرب والشرق وكتمرين خوض حرب عالمية خارج الجغرافيا المحلية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وكتأكيد لقيادة القطب الامريكي الاوحد وقدرته على التحشيد .5- الغزو مطلب ستراتيجي لحفظ التفوق الغربي ، دول مترفة تعيش عصرها الذهبي تريد استمرار تبعية الدول المتخلفة في الشرق الاوسط لها ، فهي سوق استهلاكي كبير لتشغيل الاقتصاد الغربي ، ومخزن نفط كبير لادارة عجلة الصناعة في الغرب ، وكتلة سكانية كبيرة يمكن استخدامها في تجارب الابادة والحروب والازمات وخوض النزاعات بالنيابة ، يجب ان تبقى هذه المنطقة تابعة للغرب اقتصاديا وسياسيا وثقافيا ، وكحقل لتجارب العولمة ، اذن يجب زعزعة استقرارها دائما لمنع حدوث اي تطور في المنطقة ، غزو الكويت حلقة ضمن سياسة الارباك المطلوبة . 6- الغزو وسيلة لزرع الاحقاد بين شعبين ، فالجهل جعل بعض الكويتيين لا يميزون بين الشعب العراقي وصدام المسؤول عن قرار الغزو ! وتكتمل الصورة الغريبة عندما تجد في الكويت تيارا سلفيا يحترم صدام ! لم يكن سيناريو الغزو يحتاج الى عبقرية بل كان يحتاج الى شحنة من الغرور والجهل والهستيريا البدائية وقد توفرت كلها ، حرب (تحرير الكويت) ابادت الجيش العراقي بشرا وسلاحا ودمرت البنية التحتية للعراق ووضعت البلد تحت وصاية البند السابع ، الغريب ان العراق ما زال يدفع ثمن غزو الكويت في الداخل والخارج.
https://telegram.me/buratha