حيدر عباس النداوي
لا يختلف اثنان على ان ما حدث في بغداد عصر الثلاثاء يمثل خرقا امنيا خطيرا وتحديا سافرا لقدرات الدولة الأمنية ولا يمكن حدوثه في اي دولة من دول العالم لان موقع مديرية مكافحة الإرهاب ومبنى الجرائم الكبرى يعتبر موقع سيادي ومحصن وبالتالي اقتحامه والتجول فيه لمدة خمس ساعات من قبل مجموعة انتحارية امر يدعوا الى الحزن والانكسار وسابقة خطيرة ستكون مدعاة لخروقات أمنية اكبر في المستقبل القريب في ضوء تهديدات عصابة القاعدة وعجز الأجهزة الأمنية وقف هذه الاعتداءات وهذه التهديدات.
وعند مراجعة دقيقة للحوادث والخروقات الامنية في دول العالم نعجز عن الاهتداء الى حالات مشابهة لما يحدث في العراق لان الإرهابيين والقتلة يتجنبون الاقتراب من هذه الأماكن المحصنة وبالتالي فان الاقتراب منها يعني الموت المحقق والفشل الذريع لذا تراهم يختارون أماكن بعيدة جدا عن عيون الأجهزة الامنية من قبيل رياض الأطفال او الكنائس والمعابد او المؤسسات الصحية ومثال على ذلك ما حدث في جمهورية الشيشان وفي الصين ومثلت هذه الأحداث في وقتها كوارث سياسية زلزلت ثقة المواطنين بحكوماتهم ومن وقتها لم تتكرر مثل هذه الحوادث مطلقا في تلك البلدان.
ومع تخبط قادة الأجهزة الامنية وعدم وضوح الرؤية لديهم في كثير من الامور التي تتعلق بحادثة اقتحام مبنى مديرية مكافحة الإرهاب يبقى المواطن المتتبع للحدث في شوق لمعرفة حقيقة ما جرى لانه يقف وسط حلقة مفرغة من المعلومات المشوشة، الا ان العامل المشترك الذي يمكن استنتاجه من تصريحات هؤلاء القادة هو السطحية والجهل والكذب وعدم معرفة ما يجري داخل البناية لان مراجعة بسيطة للتصريحات التي وصلت للاعلام تؤشر الى هذا المبدأ, فقادة الأجهزة الامنية يجهلون عدد الانتحاريين الذين اقتحموا المبنى لان احدهم اعلن ان عدد الانتحاريين ثلاثة وانه تم قتل اثنين منهم ولم يتبقى الا عنصر واحد ثم يعود ليقول ان عدد الانتحاريين ستة وان الموقف تم السيطرة عليه لكن مسؤولا اخر يقول ان الإرهابيين لا زالوا داخل البناية وان المعارك تجري من غرفة الى غرفة وان عنصرا امنيا قتل واصيب اخر ،لكن نائبا نسف كل هذه المعلومات المشتتة عندما قال ان عدد الانتحاريين ستة وانهم كانوا اغبياء ولولا غبائهم لتوصلوا الى ما يريدون ودليل النائب على غباء هؤلاء هو انهم بدل ان يذهبوا الى الطابق الثاني لاطلاق سراح القتلة والمجرمين من اتباع تنظيم القاعدة توزعوا على الطابق الاول والثالث ...ياسبحان الله ما هذه الكرامة ...عرفوا ان (400)ارهابي في بناية الجرائم الكبرى ولا يعرفون باي طابق يتواجدون !, كما ان هناك امر اخر وهو من هي الجهة التي تمكنت من تحرير المبنى هل هم حراس المبنى الذين اخذو على حين غرة ام هم قوات (سوات) ام الفرقة الذهبية ؟؟
ستسجل قضية اقتحام مبنى مديرية مكافحة الارهاب على انها نجاحا كبيرا تحقق على يد القوات الامنية التائهة في بحر الفساد والمحاصصة والاختراق وغياب القيادات الامنية وضعف البناء الفكري والعقائدي وبؤس القدرات الذاتية للقيادات الوسطية وسوء الاعداد والتسليح، لان المقياس هو عدم نجاح الارهابيين في تخليص من جاءوا لتخليصهم وما عدى ذلك امر يمكن تلافيه مستقبلا.
https://telegram.me/buratha