خضير العواد
إن الأحداث التي تعصف في المنطقة قد بعثرت القوى وغيّرت المعادلات وقدمت الأهم على المهم وألمستحيل الذي كان فيها أصبح قريب المنال ، فهذه دولة كردستان الموعودة التي لم تمتلك في الماضي أي عامل لكي تنمو وتكبر وتصبح حقيقة واقعة سوى الشعب والأرض وهذا غير كافي لبناء الدول والتجارب العالمية أكثر من أن تذكر فجميع دول العالم فيها أقليات وقوميات متعددة ولكن الكثير منها لا يقدر على الإنفصال وتكوين دولة تخصهم بسبب فقدان عوامل البقاء ومن أهمها وجود دول محيطة تدعمها أو تقف موقف المعتدل منها بالإضافة الى وجود طرق الإتصال بالعالم من ناحية التبادلات الإقتصادية ، ولكن ظرف الكرد في هذه المرحلة قد تغيّر كلياً وتوفرت لهم ظروف مثالية لتكوين دولتهم الموعودة ، فجميع الدول التي تحتضن الكرد على أراضيها قد شغلها عنهم بعض المشاكل التي يتعرضون لها إلا تركيا فهي التي شغلت نفسها بمشاكل لا تعنيها ، فهذه إيران قد وقعت في حصار قاهر من قبل الإتحاد الأوربي وأمريكا وهي مهددة في كل لحظة بالحرب ، وأصبح وضعها الإقتصادي لا تحسد عليه وهو تواجه التحالف العالمي ، بالإضافة الى إنشغالها بأواضاع سوريا التي تعتبر لها من أهم الحلفاء في المنطقة بل الحليف الوحيد فأي تغير في سوريا سوف يؤثر تأثيراً مباشراً على إيران ، أما العراق فقد أضعفه الإرهاب المدعوم من قبل مثلث الشر المتمثل بقطر والسعودية وتركيا بالإضافة الى الحصار السياسي الذي يعاني منه و التي تقيمه ضده السعودية وحلفائها ، وأصبح من الضعف بحيث يستطيع الكرد أن يحركوا قوات البيشمركة بكل حرية في الأراضي المتنازع عليها وبالمقابل فأن الحكومة المركزية لا تستطيع تحريك جندي واحد داخل هذه الأراضي إلا بموافقة الكرد وما حادثة الحدود السورية العراقية من جهة الموصل إلا أكبر مثال ، بالإضافة الى تهريبهم للنفط بدون علم الحكومة المركزية وإقامة العلاقات الدبلماسية مع أغلب الدول ، أما سوريا فقد تكالب عليها العالم بأسره تتقدمهم قطر والسعودية وتركيا ، فهي تقاتل المرتزقة الوهابية في جميع المدن السورية الذين يدعمهم الأمريكان وإسرائيل وحلفائهم ، بالإضافة الى الإعلام العالمي الذي يلعب دور مهم في تغطية الأحداث على الطريقة الهولودية ، فالكرد في شمال سوريا أصبحوا أكثر حرية في التحرك وجمع السلاح والتدرب عليه في شمال العراق بإشراف حكومة الإقليم هناك ، أما تركيا فهي الدولة الوحيدة من دول المنطقة التي أقحمت نفسها في مشاكلها ، فهي التي تشترك في تغير الحكم في سوريا وتحاول على أقل تقدير إضعاف الحكم في دمشق بالإضافة الى محاولاتها في إضعاف حكومة بغداد من خلال مواقفها الداعمة لكل من يريد تدمير العملية السياسية في العراق ، بالإضافة الى دعمها لكرد العراق وعقد معهم العقود في إستيراد النفط من كردستان ، كل هذه المواقف التي تقوم بها تركيا تقوي الكرد في العراق وسوريا وهذا نتاجه سيؤدي الى إعلان شمال سوريا إقليم منفصل عن سوريا بسبب ضعف الحكومة المركزية هناك ومن ثم إعلان الدولة الكردية من السليمانية الى البحر المتوسط ، وهذه الدولة ستكون الداعمة والمساندة لكرد تركيا الأكثر عدداً مابين كرد المنطقة أي كأن تركيا تضرب نفسها بخنجرها وتقطع منه جنوبها وتعطيه للكرد بسبب سياستها الهوجاء في المنطقة ، لذا فالظروف الصعبة التي تمر فيها المنطقة تعتبر المثالية للكرد في إعلان دولتهم ، أي أكثر المستفيدين من الأزمة المدمرة التي تمر بها المنطقة هم الكرد وهم الذي يلعبون على أوتارها ويعملون بجد من أجل إستمرارها حتى تحقيق حلمهم الذي ينتظروه .
https://telegram.me/buratha