احمد عبد الرحمن
انها ليست المرة الاولى التي تتعرض فيها العاصمة بغداد وعدد من المدن العراقية العزيزة لسلسلة عمليات ارهابية منظمة تحصد ارواح مئات الناس الابرياء .وبين عمليات يوم الاثنين الماضي وعمليات ارهابية مماثلة وقعت قبل اسبوع وقبل شهر وقبل شهرين وقبل عام وقبل عامين واكثر ، كانت بغداد والانبار والموصل والنجف وكربلاء وبابل ومدن عراقية اخرى عديدة مسارح للاعمال الارهابية للتكفيريين والصداميين، ولانحتاج الى كثير من الجهد لضرب امثلة ومصاديق على ذلك.وقد لانأتي بجديد حينما نقول ان تكرار وقوع العمليات الارهابية، وبطرق ووسائل واليات متشابهة ان لم تكن متطابقة بالكامل يعني فيما يعنيه وجود خلل كبير وثغرات فاضحة، في اداء المؤسسات والاجهزة الامنية والعسكرية العراقية، فمثل هذه الاعمال الارهابية وبحكم تكرار وقوعها تؤسر الى عدة حقائق مؤلمة، تحتم على الحكومة ان تعيد النظر بالخطط والاجراءات والسياقات الامنية، وتحتم على القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية وفي ادارة شؤون الدولة ان تتعاطى بمسؤولية اكبر مع ما يجري على ارض الواقع من احداث مأساوية، وان تقدم مصالح البلد وابناء شعبه على مصالحها الخاصة. ومن تلك الحقائق ان الجماعات المسلحة -التكفيرية والصدامية-مازالت تحاول جاهدة تخريب البناء المؤسساتي للدولة العراقية، وذلك من خلال استهداف مختلف دوائر الدولة ومفاصلها وعموم الناس في الاسواق والشوارع والمدارس وغيرها، وكذلك مازالت تحاول اسكات اصوات الاعتدال سواء في الاوساط الدينية او السياسية او الاجتماعية او الفكرية، ومازالت تعمل جاهدة على ادق اسفين الخلافات والاختلافات، وبث بذور الشقاق بين مختلف مكونات المجتمع العراقي، ومازالت تسعى الى وأد المشروع الديمقراطي الناهض في العراق من بين انقاض وركام عقود من التسلط والديكتاتورية والاستبداد.ان رسائل الجماعات الارهابية المسلحة على اختلاف عناوينها ومسمياتها الى ابناء الشعب العراقي لم تعد غامضة، بل انها باتت واضحة ومفهومة الى ابعد واقصى الحدود.لايمكن لاي طرف كان ان يتنصل عن المسؤولية حيال ازهاق الارواح وسفك الدماء كل يوم، ولكن تبقى الحكومة بأعتبارها تمثل المفصل التنفيذي الاعلى في البلاد تتحمل الجزء الاكبر من المسؤولية. ليس في مجال الامن فقط، بل في مجال الخدمات والبناء والاعمار وشتى المجالات الاخرى، والضعف والتراجع في أي منها لابد ان ينسحب على سواها.والخلل الامني يعني خللا اكبر يتطلب مراجعات جادة وموضوعية بين كل الشركاء من اجل ان يتحقق الاصلاح ويعالج الخلل.
https://telegram.me/buratha