الكاتب: مرتضى أحمد العبودي
كان الوضوح في الرؤية والتكتيك موجود في طرح الشهيد الخالد عز الدين سليم وفقاً لتجربته الطويلة في الميادين السياسية كذلك سبله في التعاطي والتفتح على حضارات العالم والطروحات الإنسانية عدا توغله في الثقافة الإسلامية التي جعلت منه رائداً في الكتابة والبحث الديني والسياسي ومشاراً إلى مؤلفاته الكثيرة بالبنان وكل هذا بلور له ثروة إجتماعية لا يستهان بها من المنتمين لخطه والمحبين ، والذي يعرف السرداب الذي كان يسكنه الشهيد يعرف كثرة الداخلين والخارجين والمقيمين عنده.
بعد تغيير اللانظام الصدامي ، كان الشهيد عز الدين سليم يعتقد إن تلك الفترة غير ناضجة ولا تدرك الواقع بشكل دقيق ، إذ إن البلد محتل ، والحاجة الى طرح معقول يقنع الآخرين حيث أن المكاسب الكبيرة لا يمكن أن تتحقق بين عشيةٍ وضحاها ، كذلك فإن الساحة تضم مختلف الأفكار والأحزاب والقوى من العلمانيين الى الإسلاميين ومن القوميين الى الإشتراكيين ، وحيث الصراعات الإقليمية والإرهاب القادم من الخارج المتمثل بالقاعدة وذيولها الى الإرهاب الموجود أصلاً في الداخل المتمثل ببقايا اللانظام المقبور والمتعاطفين معه ، هذا كله كان يجري في بلد نفطي ملآن بالثروات الطبيعية ومحتل من قبل أقوى بلد في العالم ، وقد مر على شعبه أبشع الجرائم والويلات منذ سنة 1963 الى سقوط الصنم ، وما رافق ذلك من أمراض مزمنة إجتماعية وثقافية غزت مواطنيه ، وكرست فيه ثقافة الدكتاتورية البغيضة وشيوع الفساد والفوضى.
بالرغم من أن الشهيد يتبنى الإسلام على المستوى الستراتيجي إلا أنه يطمح الى تحقيق حكومة إنسانية ، إذا إنك إذا أردت أن تأتي بالإسلام ((كما يرى الشهيد)) الى بلد مدمر إقتصادياً وسياسياً وإجتماعياً وتطبقه عليه ، إنما أنت تقوم بجر الإسلام الى الإنتحار ، فستدمره ، ولهذا السبب قال: (( ما نريده الآن هو حكومة تخدم الإنسان ، تعطيه كرامته وحريته وبعد هذه المرحلة يمكننا ـ إذا أحسنّا الطرح أن نطرح الإسلام للناس كما فعل الأخوة الإسلاميون الأتراك ، فهؤلاء الأخوة دخلوا في جو علماني راسخ ومحمي بالجيش والمؤسسات المالية ، ولكن بطرح رائع ومقبول إستطاعوا أن يدخلوا في جيب النظام العلماني ويفرضوا رؤاهم عليه وهذا أعظم عمل ونجحوا لحد الآن)).
في 17/5/2012 أعلنت حركة الشهيد عز الدين سليم عن نفسها ((أمام الشعب العراقي إيماناً منها لإيقاف الهدر العميق للطاقات والثروات وإعطاء الفعل السياسي الوطني فرصته في رسم صورة الخلاص في خطاب ثقافي سياسي يجمع شمل الحروف العراقية في مشروع إنساني خلاّق من شانه إنجاز إطروحة حكومة الإنسان التي نادى بها الشهيد عزالدين سليم وتحقيق دولة إنسانية ذات هوية عراقية ناصعة وهذا يتطلب تظافر الجهود الوطنية ثقافية كانت ام سياسية ....)) إنما أعلنت عن ستراتيجية وتكتيك إستسقتهما من لدن فهم المرحلة ، فالواقع الراهن المزري بمخاسيره مرتبط بما ورثته تلك الفترة الظلامية من حكم اللانظام المقبور ، وبمكاسبه المفروضة بفعل التغيير ، وما على الحركة إلا إشاعة فكرها النير في التغيير ، والمقصود به أولاً الإنسان العراقي ، محور إطروحة حكومة الإنسان ، وهو مشروع ليس باليهين تنفيذه ولا بالسهل الوصول إليه ، إنما هناك طريقة عمل وسلوك يفضي الى تقديم الإطروحة وإيصالها الى أكبر عدد من المواطنين بشكل سهل ومعقول ، أما إيجاد قاعدة عريضة تؤمن بها فهو فهو طموح وهو أمر متروك لما سيقوله المستقبل.
وعندما أعلنت الحركة بيانها السياسي (أمام الشعب العراقي) ، إنما أرادت أن تقول إن الشعب إن أراد الخلاص فعليه التحقق من مبادىْ إطروحة حكومة الإنسان والتمعن بخطوطها العامة وهي لسيت تفاحة تؤكل فينقلب آكلوها الى منظرين وفلاسفة ، إنما هي ثقافة يجب إشاعتها والإيمان بها حتى يتحقق الخلاص ، ومن حظوظها أن تكون عابرة ومتجاوزة للثقافات القومية والمذهبية ، فلا فرق بين من يؤمن بها سني أو وشيعي أو مسيحي أو مندائي ، كردي أو عربي أو تركماني أو آشوري أو كلداني....
https://telegram.me/buratha