حيدر عباس النداوي
بعد كل هذه السنوات وبعد اهدار عشرات بل مئات المليارات من الدولارات وبعد كل الحملات الإعلامية التي تقودها حنان الفتلاوي وياسين مجيد والشاهبندر والعسكري والفضائية العراقية وصحيفة البيان ودولة عراق القانون وعشرات الكتاب المخضرمين والهواة والمبتدأين عن نجاحات حكومة المالكي, وبعد كل السب والشتم للمعترضين او المشككين وبعد كل حالات الإقصاء والتهميش للإطراف الأخرى تنكشف الحقيقة المؤلمة التي تحرق الفؤاد وتشيب الرس وتمزق القلب حزنا وكمدا على ما ال اليه الوضع الإنساني والخدمي والمعاشي في بلد لا تغيب الشمس عن حضارته وتعجز خزائن الأرض عن جمع أمواله.
انه من مساوئ القدر ان يبقى العراق حبيسا للفقر والعوز والمشاكل الاجتماعية والانفلات الامني وياتي في كل مرة متذيلا لترتيب الدول الاكثر بؤسا وفقرا وفشلا مثله مثل دول لا تمتلك معشار ما يمتلكه من ثروات واموال وارث حضاري بل ان دول لا تعني شيئا في مواردها المادية وارثها الحضاري تتقدم على العراق بكل حضارته ونفطه وغازه واسماكه وتموره ومعاركه وبطولاته وعربه فقط دون اكراده .
من جديد يحتل العراق المراتب الاولى في الدول الاكثر فشلا في العالم وان ابتعد هذه المرة عن الدول الخمسة الاخيرة بعد ان كان متذيلا الترتيب الى جانب الصومال وافغانستان لكن هذه المرة تفوق على زيمبابوي والكونغو الديمقراطية وفي السنة القادمة سنتفوق على باكستان وغينيا وبعد مائة عام ربما سنتفوق على موزبيق اما اذا اردنا ان نتفوق على دويلة قطر في الاعمار وليس في العمالة وحياكة المؤامرات فعلينا ان ننتظر الف سنة مما يعدون.
ان ما اعلنه التقرير الامريكي عن بقاء العراق ضمن الدول العشرة الاسوء على مستوى العالم فيه نوع من المحاباة وجبر للخواطر لانه وضع العراق في مرتبة لا يستحقها عندما جعله في المرتبة السادسة من بين الدول الاكثر فشلا في الوقت الذي كان ينافس الصومال وافغانستان على موقع الصدارة في هذا التصنيف لانه لا يوجد ما يعزز تقدم العراق مرتبتين لا في النواحي الخدمية ولا المعاشية ولا الامنية.
غير انه من المعيب ان يذكر اسم العراق بكل تاريخه وعراقته وثرواته بمثل هذه التقارير المخجلة في الوقت الذي تصنف دويلات ليس لها ما للعراق ضمن الدول الاولى في العالم على مستوى تقديم الخدمات وارتفاع مستوى الانفاق والسعادة والانشراح بينما يجهد المواطن العراقي يومه للحصول على ساعتين من القطع المبرمج للكهرباء او على راتب شبكة الحماية الاجتماعية او عقد للعمل كمنظف باجر لا يتجاوز ثمانية الاف دينار وسط اجواء لا يتحملها حتى الحيوان اجلكم الله.
ان وصول العراق الى مصاف الدول الاكثر استقرارا وامنا ورفاها اصبح ضربا من الخيال وغاية لا تدرك بسبب تفشي الفساد المالي والاداري وسيطرة العقلية الحزبية والشخصية والتسلطية وغياب الاجهزة الرقابية رغم ان هذا البلد يمتلك من الثروات والقدرات البشرية ما يجعله في مصاف الدول الافضل على مر التاريخ.
https://telegram.me/buratha