بقلم: عبد الرزاق السلطاني
لم تفتأ المجتمعات العربية ان تتخلص من بعض المعتقدات السقيمة والمحفوفة بالمظاهر المتخلفة التي تريد ان تضفي على الاسلام الحنيف مظاهر التشدد التي رسمها دعاة الاعلام المأجور محاولين اغراق ذوي العقول الخاوية بالتخلف والاوهام ليكونوا ادوات فاعلة لتشويه صورته السمحاء، وهذا ما ظهر واضحا على الساحة العربية، فحصيلة السنوات الماضية كبد اولئك الاقزام الانسانية مئات الالاف من الابرياء بدماء باردة تحت مسميات (المقاومة والجهاد) وبدعم فتاواهم التكفيرية الظالمة التي لا تمت الى الاسلام باية صلة، هذه المشاريع التطرفية العنفية وخطاباتها الفوضوية حاولت تدمير البنية الاسلامية بتسويقها تلك المفاهيم العنصرية، فالتطرف الديني اخطر منابع الا تسامح لتلبسه بلبوس القدسية، وتوظيفيه للنص الديني تحت غطاء الشرعية والواجب والجهاد، مما يجعله يمرر بسهولة على من لا يفقهون الخطاب التعبوي التحريضي، فعندما حوربت المرجعية الدينية الرشيدة في العراق ابان الا نظام الصدامي حاولوا التغليف والدفع باتجاه عدو خارجي افترضوه وبدءوا التصفيات الجسدية لمراجعنا العظام وحوزاتنا نتيجة مواقفهم الوطنية، فالازدواجية العروبية الشعاراتية ودعاتها لم يبقوا افاقهم مفتوحة امام التحولات السياسية والثقافية والفكرية لعجزهم عن قراءة التغييرات في بنية افكارهم المتهرئة، فالاداء السيء اعطى المسوغ للاخرين من الحكام لرفع اصواتهم المبحوحة باشاعة هذه الفوضى الفكرية التي حاولت ولازالت تحاول اذكاء الفتنة الطائفية للحصول على مكاسب سياسية لا غير.
والسؤال التقليدي لماذا يفشل العرب دائماً في اتباع النهج الديمقراطي السليم في حين ينجح آخرون كانوا وراءهم باشواط؟ لست وحدي من يطرح هذا التساؤل، لكني اعتقد كثيرين يطرحونه، ولماذا يغيب اليقين الديمقراطي وتطفو الازدواجية في المعايير على اسس طائفية والتركيز اليوم يظهر واضحا في الفوضى السورية المدعومة من تركيا العثمانية والسلفية السعودية والفزاعة القطرية والغريب ارتفاع سخونة المنافسة بينهما لصدارة الزعامة العربية وهي تنظر الى الربيع العربي من زاوية احادية، فالقتل الممنهج في البحرين والسعودية وبشكل بشع وعشوائي وبتعاون حكام ال سعود وال خليفة لايقاع اكبر عدد من الضحايا بصفوفهم والسبب واضح بدعم صريح ومعلن لما يسمى " الجيش السوري الحر " هو لحرف الانظار ورسالة لتصدير الازمات داخل قطر والسعودية التي تنعت مواطنيها بـ (( الغوغاء)) وهي تسمية اطلقها الطاغية صدام لايمكن ان تغيب عن ذاكرة احرار الانتفاضة الشعبانية المباركة بالعراق فما اشبة الامس العراقي باليوم السعودي او البحريني فاذا كانت الثورة والانتفاضة على ال سعود وال خليفة غوغاء فهي شرف كبير كونها ثورة المظلوم على الظالم، اما المارد التركي الذي يريد اعادة امجاد الامبراطورية المتهالكة العثمانية ولملمة شتاتها لاتعلم بعض القيادات العربية انها تضع الكماشة بين اقدام شعوبهم فهم كالاخطبوط اذا تنامى نفوذهم الذي بدا يتسع وطالما حذرنا منه.
والسؤال المحير الاخر، الم يحن الوقت لاتخاذ قرارات جريئة تخرج العرب من حالات التعويم والتشويش على المشاريع الحيوية التي من شأنها اخراجه من دائرة الدم؟ ان مفتاح حل الازمات يكمن في ترسيخ مفهوم المواطنة وتعزيزها، ففي الوقت الذي تعوم فيه دول في موجات من الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فلابد من تغيير المسارات التي تعمل على مركزت القرارات وما تركته من تراكمات على الواقع العربي، والتوصل الى التوصيف النهائي للاجراءات التنفيذية من خلال الشعب وخلق التوازنات كافة، وقبر الخطاب التحريضي لبعض وسائل الاعلام التي تحاول التأثير على الرأي العام، فضلاً عن النبرة التحريضية الانقسامية التي تحاول استحضار تعميق الفجوة بين المكونات الوطنية منطلقة من خلفيات فئوية لا طائل منها،غير ان هؤلاء من انصاف الساسة والمفكرون والمنظرون يجب ان يعلموا انهم سيرثون بافكارهم الهدامة بقايا انسان ومجتمع ودولة مؤسسات، سيرثون وطن مأزوم انهكه التضاد والاحتراب الثقافي والفكري، سيرثون تجارب الدم والكوارث، فهل من الحكمة أن تقع الشعوب العربية بفضل حكوماتهم مرة أخرى في فخاخ التجارب المتشظية؟ او ليس من الحكمة أن نتشارك لابداع مركب بنيوي صالح وهادف ومتطور يساعدنا على انتاج تجارب وطنية تقبر كوارث التعويم والتبعية والتخلف التي نعتقد أن من اهم معطياتها ازمة الثقة التي ترتسم بصماتها على تحديد المواقف، وحقيقة القول ان حكوماتنا العربية دائما تفشل في صنع قفزات ديمقراطية حقيقية لانها اصلا غير مقتنعة بالتغيير بعد ان اعتاشت على جماجم ابناء شعوبهم لذلك ان الاوان لتبدأ الشعوب باعتماد استراتيجية النيل من الحكام الظالمين والتسليم ان الشعوب اقوى من الطغاة.
https://telegram.me/buratha