حافظ آل بشارة
هل يستطيع العراق بوضعه الحالي تحمل آثار الأزمة السورية ؟ اصبح تغيير النظام في دمشق قصة مأساوية ، الانظمة في مصر وتونس وليبيا واليمن تغيرت بأقل قدر ممكن من التداعيات وبقيت الاعتبارات الداخلية هي الأهم في تلك البلدان ، أما الأزمة السورية فقد تم تدويلها وأقلمتها بشكل مبكر لتتحول الى ساحة صراع دولي ، آخر الاخبار تقول ان القواعد الاسرائيلية استقبلت عشرات الآلاف من القوات الامريكية التي تقوم باستعدادات تشبه ما سبق غزو العراق ، يقابلها انتقال بوارج روسية وتعزيزات الى قاعدة طرطوس السورية ، هناك مخطط لمد النفوذ الاسرائيلي الى سورية ، اختراع اسلوب جديد لحراسة اسرائيل ، تشكيل دويلة تكفيرية (كما تؤكد بعض التحليلات) تتولى حراسة اسرائيل وتشكل امتدادها الحيوي في المنطقة ، اسرائيل مؤلفة من مهاجري (السفارديم) الشرقيين ، و(الاشكناز) الغربيين ، سيضاف اليهم (التكفيرزم) الشاميين ان صح التعبير ، اعظم ما تحققه اسرائيل العيش تحت حراسة (اسلامية)، الحراس الجدد عدوهم الأول الشيعة ، الرافضة ، الذين طردوا اسرائيل من جنوب لبنان ، الذين اسقطوا هيبة الجيش الاسرائيلي ، الذين قلبوا ستراتيجية اسرائيل من شعار (من الفرات الى النيل) الى (غيتو) في فلسطين تطوقه الكتل الكونكريتية وتسقط الصواريخ على مدنه المختلفة بلا اي تغطية ، الذين يمتلكون الطاقة النووية ، الذين يقودون الصحوة في المنطقة . العراق بوضعه الحالي محسوب على التشيع ويجب ان يمتد اليه الحريق السوري ، كم يستطيع العراق مواجهة الحريق ؟ 3 ايام حدثت فيها اختبارات خطيرة ، موجة اللاجئين السوريين واللاجئين العراقيين العائدين ، كلا النوعين يمكن ان يضم في صفوفه ارهابيين و مطلوبين ، العراق لا يمتلك القدرة الكافية على كشف حقيقة كل لاجئ يدخل ، ولا يمتلك القدرة على ايواء اللاجئين بطريقة تضمن السيطرة على تحركاتهم ، عاجز عن مواجهة رغبات وعواطف اهالي الانبار وهم يريدون استقبال اللاجئين بطرق عشائرية بتقديم اطباق ضخمة من الثريد في المضايف بدون مراعاة الانتقال الرسمي بين الدول واجراءاته القانونية ، وبذلك تغلغل اللاجئون في كل مكان حتى وصل شتاتهم الى النجف ! الاختبار الأهم والأخطر عندما اراد الجيش العراقي ان ينتشر على الحدود الشمالية مع سورية فمنعته قوات البيشمركة ، مع ان اقليم كردستان ليس له حدود مع سورية ، اذا صح الخبر فمعناه ان حدود نينوى مع سورية بيد البيشمركه ! وهذا يعني انه ليس اقليما بل دولة مقابل دولة ! ملف يمكن ان يفجر أزمة مع المركز ... قضية اخرى ، لأن العراق محسوب على التشيع فهذا يعني سهولة تصنيفه ضمن المعسكر الايراني والهلال الشيعي ثم الاستقطاب الروسي الصيني ، فيصبح العراق عرضة لكراهية المعسكر السعودي القطري التركي الاسرائيلي ، احداث كهذه تتطلب وجود جبهة داخلية متماسكة لمواجهة جميع الاحتمالات ، اما اذا بقي العراق على هذا الحال من الأزمات الداخلية فهو يشبه صائما فقد الماء والكهرباء تحت درجة خمسين مئوية بانتظار الفطور الذي لا يأتي .
https://telegram.me/buratha