بقلم الباحث احمد الشجيري
يعتبر نوع النظام السياسي الذي تقع على عاتقه ادارة الملفات السياسية الخارجية للبلدان وطبيعة الرموز التي تمثل هذا النظام ذو تأثير كبير على منح او سلب الهيبة لهذه الدولة او تلك، فمن الطبيعي في العلاقات الدولية المعاصرة ان تُمتهن حقوق دولة ما على الصعيد الخارجي اذا ما تشاغلت نخبها السياسية عن المخاطر الاجنبية المتربصة ببلادها بصراعاتها على مراكز النفوذ ومواقع السلطة الداخلية، وليس في منطقتنا العربية والاقليمية في هذه المرحلة التاريخية نموذج اكثر شهرة وبؤسا من العراق مع الاسف الشديد.
إن المطلوب من كل من تشغل باله سياسة العراق الخارجية ويتمنى في سره لو انها تتعافى من كبواتها المستمرة واخر تلك الكبوات ما تمثل في الغاء قمة بغداد، ان المطلوب من هؤلاء ان يعمدوا فورا ومن دون اي ابطاء الى تحويل الامنيات الى حقائق ماثلة على ارض الاحداث لاسيما اذا كانوا من بين العناصر المشكلة للمشهد السياسي العراقي من رؤساء احزاب وكتل برلمانية.
ولعل غياب رؤية استراتيجية وخريطة للسياسة الخارجية جعل هذه السياسة تعيش ردود افعال ارتجالية جعلت العراق يفقد احترامه الاقليمي ويصبح الحلقة الاضعف في الاستقطابات الاقليمية تتقاذفه رياح الصراعات الدولية وتقاطعات الحروب المنطقية، ولعل مثال الكويت هو الابرز الذي يمثل دلالة واضحة في فقدان العراق لاحترامه الاستراتيجي اقليميا.
لقد استيقظ العالم قبل فترة وجيزة على حدث الثورة المصرية التي استطاع الوعي السياسي الجماهيري فيها ان يطيح بالألة القمعية لنظام دكتاتوري شرس ويروض الكثير من رموزه، ويوقظ في قلوب البعض منهم الحس الوطني الشريف بعد طول تخدير، وبفضل هذه الثورة فقد تحققت مكاسب شعبية كبرى على صعيد تصحيح المسارات السياسية الداخلية. ليس هذا فحسب فقد استطاعت هذه الثورة الفتية ان تستعيد هيبة مصر في محيطها الخارجي وتدخل من جديد بوصفها رقما صعبا في رسم السياسة الخارجية لبلدان الشرق الاوسط، وما كان لها ان تفعل ذلك في فترة زمنية متواضعة لولا ايمان غالبية السياسيين المصريين بمبادئ الديمقراطية التي تمنح الفرص السياسية والاقتصادية للجميع وتضيّق الى حد كبير من دائرة الاستثناءات لاسيما المبنية منها على اسس الولاءات الضيقة.
لقد استطاع الثوار السياسيون المصريون ان يفرضوا احترامهم على العدو والصديق بفضل احترامهم لأنفسهم في المقام الاول وتغليبهم المصلحة الوطنية على كل مصلحة سواها، واذا ما اراد العراقيون ان يتعلموا من هذا الدرس المصري البليغ فما عليهم الا الاقتداء بنظرائهم على صعيد تقديم الصالح العام وايكال ادارة الشأن السياسي والاقتصادي لمن هو اكثر كفاءة وجدارة من العراقيين، ولن يستطيع ساسة العراق تحقيق هذا الهدف النبيل ابدا اذا ما ظلوا سادرين في غي المحاصصة السياسة.
https://telegram.me/buratha