هل يعرف مالكو الفضائيات ان مهمة الإعلام الوطني حفظ كرامة المواطن والارتفاع بقيم الكرامة والاعتداد بالنفس والفضيلة والشرف إلى أعلى مراتبها ؟ كان الوالي العثماني يشرب اللبن , حينما ادخلوا عليه (الخزنة دار) , الذي كان يقوم بإعمال أمين الصندوق أو وزير المالية في وقتنا الحالي. كان ذلك الخزنة دار لصا , ما ان وقف بين يدي الوالي حتى بادر الوالي متصنعا البراءة:(قالوا انك أرسلت بطلبي يا جناب الوالي هل حصل شيء)؟. ما كان من الوالي إلا أن قال له: (ما الذي ظل في الخزينة من أموال لتقول بوقاحة هل حصل شيء)؟.غضب الوالي وسكب على وجه (الخزنة دار) جرة اللبن التي غطته من قمة رأسه إلى قدميه. في الباب شاهد الحرس ومن ينتظرون لقاء الوالي ما حل بالخزنة دار فسألوه عما حصل له , قال بلباقة اللص المحترف:(خرجت من لقائي بالوالي بالوجه الأبيض) !. كم جرة لبن يحتاج المالكي ليسكبها على وجوه اللصوص ؟. إذا سلكنا سلوك الشعوب الديمقراطية المتحضرة.كم نحتاج من البيض والطماطم الفاسدة لنرميها بوجوه اللصوص؟. أما إذا سرنا على سجيتنا فإننا نحتاج إلى الآلاف البراميل من النفط الأسود , لندهن بها وجوه اللصوص والمتجاوزين على المال العام , وندهن وجوه وأجساد كل من يتفننون بإظهار العراقي بمظهر المتسول .سواء كانوا أحزابا , أو مسؤولين حكوميين , أو ساسة , أو نواب , أو محسنين , أو فضائيات. يتبرعون بمراوح وبطانيات وهدايا لا تساوي قيمتها عشرات الدولارات في أحسن الأحوال , لأسر عراقية فقيرة ومتعففة يغلفونها بهالة إعلامية كبيرة تنتقص من قيمة المواطن والقناة .هل يعرف مالكو الفضائيات ان مهمة الإعلام الوطني حفظ كرامة المواطن , والارتفاع بقيم الكرامة والاعتداد بالنفس والفضيلة والشرف إلى أعلى مراتبها ؟. ما معنى ان يقوم ممثلون ومشاهير بالذهاب إلى أحياء الفقراء والتبرع لهذا البيت بطباخ , أو مولدة كهرباء صغيرة , أو مكواة , ويكرروا أمام العدسات ان القناة الفلانية هي المحسنة الأولى !. أما القنوات المختصة بالعطايا الدسمة , السيارات والجوائز الثمينة فلهذه القنوات أجندات إضافية غير التي ذكرناها منها , غسيل مخ المتلقي , من ان القناة ومن يقف ورائها بإمكانها ان تنافس الحكومة وتتفوق عليها في الهدايا والعطايا . الكل يعرف ان هذه القنوات مدعومة من دول تسببت في إحراق العراق بعد إطاحة صدام. هذا باختصار لب وجوهر العطايا. هذه الممارسات امتدادات بائسة لسنة شرعها صدام في إذلال العراقيين وإظهارهم بمظهر المتسولين, وهم الأحق بخيرات بلدهم. من أقاموا في بلدان "الغرب الكافر", لم يشاهدوا يوما مثل تلك البرامج البائسة في القنوات الغربية .في حال الكوارث يسارع الرؤوساء والمشاهير والشركات الكبرى , بحملة تبرعات سخية تتجاوز قيمها في بعض الأحيان مئات الملايين من الدولارات , تسهم الفضائيات المشهورة بتغطيتها والدعاية لها مجانا , لا تظهر الفضائيات الغربية الأشخاص والأسر والشعوب المنكوبة بمظهر المتسول .خير دليل على ما نقول الزلزال الذي ضرب هايتي , حيث وصلت حملة التبرعات إلى شعب هايتي إلى أفقر أحياء أمريكا بمدارسها وجامعاتها وأسواقها ومجمعاتها السكنية .لقد فاقت التبرعات المالية والعينية مئات ملايين من الدولارات , لكننا لم نشاهد عجوزا هايتيا أو امرأة تدعو لاوباما,أو لمؤسسة كلنتون الخيرية , أو لقناة ال سي ان ان , مثلما نشاهد الذل على وجوه عجائزنا وفقراءنا , الذين تصل بيوتهم الفضائيات العراقية, التي تبحث عن الشهرة على حساب كرامات الناس , ونشاهدهم يتوسلون وترتفع اكفهم بالدعاء :"اللهم يكثر خير قناة... يحفظكم الله ". ساعدوا الفقراء دون ان تذلوهم .ألا تبت أيديكم مثلما (تبت يدا أبي لهب). عار ما بعده عار أن تسجلوا انتصارات إعلامية وسبق صحفي وشهرة على حساب كرامات الفقراء وبؤسهم . منذ عامين تبحث وسائل الإعلام ألأمريكية عن متبرع سخي متخفي. يدفع للعام الثاني على التوالي أثمان الملابس والهدايا , التي يحجزها الأهالي الفقراء لأولادهم من المخازن التجارية الكبرى لمناسبة أعياد الميلاد ويعجزوا عن سداد أثمانها .لم يعثروا للمتبرع على اثر , ولم يعلموا للان , هل المتبرع شخص أو شركة أو مؤسسة خيرية !؟ . رمضان كريم يا قنواتنا الفضائية !. لقد اطعم الأمام علي ع بوجبات إفطاره البسيطة أكثر من مرة وهو صائم المساكين واليتامى والفقراء , وظل دون طعام لأيام , دون ان يعلم احد بذلك غير الله .نجد بيننا من يقولون أنهم يسيرون على نهج علي والحسين ع , وهم يتصرفون كخلفاء بني أمية وبني العباس وسلاطين العثمانيين في اكتنازهم للأموال والذهب وإذلالهم للفقراء!. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى)قران كريم لم يبقي لي إلا أن أقول رمضان كريم يا حرامية
7/5/726
https://telegram.me/buratha