المقالات

الدكتور اياد علاوي هل يريد انقاذ العراق ام يريد الحكم

1632 19:00:00 2007-03-03

( بقلم : علي عبد الهادي الاسدي )

طلع علينا يوم أمس الدكتور عدنان الباججي قارئا لبيان القائمة العراقية ، وقد حمل البيان عنوان ((نحو تجميع الجهود الوطنية لإنقاذ البلاد وحل أزمة الحكم ))، وجاء في ختام البيان إعلان الموقف النهائي للقائمة من قضية الاستمرار بالمشاركة في الحكومة المالكية الأولى حيث جاء ما نصه : (( بات من المتعذر على القائمة العراقية الاستمرار طويلا" في تحمل المسؤولية في الحكومة الحالية والسلطة التنفيذيه والعمل بسبب الهيمنة الطائفية والممارسات ذات المصالح والمنطلقات الضيقة )) .

إلى هنا والأمر سهل لا اعتراض عليه ، إذ يحق لأي طرف حكومي وزيرا مستقلا كان أو مرتبطا بكتلة سياسية أن ينسحب من الحكومة استقالة احتجاجية ، أو غير ذلك من الأسباب والمبررات ، إنها بعض الممارسات التي تفرضها الديمقراطية هذا الوليد التعيس الذي لا زال يحبو في العراق الجديد .

لكن ثمة تساؤلات يحق للمراقب - لحركة الدكتور علاوي ومجمل أعضاء قائمته - أن يطرحها ، وان يبحث عن إجابات معقولة ومقبولة لها ، إنها تساؤلات تتعلق بتوقيت بيان الانسحاب ، وتتعلق بدلالات البيان ، وتتعلق بمجمل التحركات السعودية والسورية وباقي أنظمة الإقليم العربي من ذوي التوجه القومي الطائفي حول القضية العراقية التي تشهد صراعا إقليميا حاد أخذت تتصاعد وتائره في الشهور القليلة الماضية .

أما من حيث التوقيت فقد جاء بيان التهديد متزامنا مع تطبيق الخطة الأمنية الجديدة (( فرض القانون )) والتي لاحت بوادر نجاحها في الأفق وهي بعد في أولى مراحلها التمهيدية ولسوف تظهر نتائجها الممتازة على صعيد تحقيق الأمن والأمان للعراقيين جميعا ، إن هذا النجاح للخطة سوف يشكل ضربة لكل المراهنات الخائبة على فشلها وعلى استمرار موجة العنف الأعمي التي تعصف بالعراق ، والتي تحتاج إلى تظافر كل الجهود الوطنية من اجل الخلاص منها ، ومن شرورها وآثامها ، لذلك لا يصح بكل الأحوال أن تقول القائمة العراقية في بيانها التهديدي ((ولعل اشد ما نخشاه ان تتعرض الخطط الامنية المعلنة من قبل الحكومة إلى انتكاسات بسبب التناقضات القائمة وتضارب الصلاحيات بين مراكز السلطة المختلفه )) .

نعم على القائمة العراقية أن تضبط حركة وزرائها في الحكومة وبما يتلاءم وتحصين الخطة الأمنية ، وبذل الجهد اللازم للمساهمة في إنجاحها . إن سحب الوزراء من الحكومة سوف يشكل إرباكا مزعجا لعمل الحكومة وتشتيتا لجهدها ، وفي اقل التقادير سوف تمارس القائمة ابتزازا رخيصا عند الدخول في مفاوضات مع المالكي من اجل استمرارها بالبقاء في الحكومة.

وأخيرا نقول للدكتور علاوي إن الحرص على العراق يفرض عليكم التعامل البناء والايجابي مع كل الفرقاء السياسيين العراقيين من اجل العبور بالعراق إلى بر الأمان ، وبعد ذلك لكم الحق كل الحق في العمل على تطبيق منهاجكم السياسي وتصوراتكم في السياسية والاقتصاد وغيرهما ، أما الآن فلا يحق لكم أبدا التخلي عن العراق والجلوس متفرجا شامتا بالحكومة بل متمنيا لها السقط والبوار .

وإما دلالات بيان التهديد فأي قاريء عراقي بسيط المعرفة يستطيع أن يؤكد أن ما جاء في صدر البيان بدء من (( يشهد الوضع العام في العراق تدهوراً خطيراً ومتسارعاً في جميع مستويات الحياة)) وانتهاءا ب(( الأمر الذي أدى ويؤدي الى هدر الثروة الوطنية على نحو لم يسبق له مثيل خلال السنوات الأخيرة )). كله حقيقة لا يختلف عليها اثنان من العراقيين في الداخل بل ربما العراقيين في الخارج أيضا .

لكن أيها السياسي العتيد علاوي هلا كشفت لنا عن أسباب كل هذا التدهور وهذا الانحطاط وهذه المخاطر التي تحيق بالعراق ، ثم ما الذي قدمته للعراق في سبيل درئها والحد من تأثيراتها وأنت الذي غادرت العراق ولم تحضر جلسة واحدة لمجلس النواب طيلة الفترة السابقة بل كنت تنظر إلى الأداء الحكومي بعين قلقة من نجاحها ، وتنظر بالأخرى فرحا (( حيث أصبحت الحياة شديدة الوطأة ومصير المواطنين يتأرجح في مجاهيل الفوضى والعنف والحرمان من أبسط الضمانات الكفيلة باستمرار الحياة الطبيعية بالنسبة لغالبية السكان في معظم مناطق العراق )) كما جاء نصا في بيانكم الموقر .

أيها الدكتور علاوي لأني اعرف انك تمتلك الإجابة الحقيقة على السؤال الآتي ولسبب بسيط ذلك هو انك طرف مشارك وبفاعلية عالية في المأساة المروعة التي نحيا في ظلها نحن – عراقي الداخل – أسالك من الذي أوصل حال العراقيين كما وصفت في بيانك ، هل تستطيع أن تكشف لنا – وأنت المعروف بالجرأة والشجاعة - عن طبيعة الاتصالات مع المجموعات الإرهابية من البعثيين ، ومجموعات التآمر السعودية والسورية التي تفتك بحياة العراقيين ، تلكم الاتصالات التي لم تكن خافية على احد من العراقيين .

 نعم لقد رضيتم بالأمور أن تصل إلى هذا الحد المفجع وانتم تنظرون إليها بعين الرضا والترقب حتى إذا بلغت ما بلغت إليه اليوم من سوء وشرعت الحكومة بخطتها الأمنية الجديدة قدمتم إلينا رافعين مشروع الإنقاذ ببيانكم الهزيل .

ومن الطريف أن يأتي في بيانكم : (والعمل على حل ازمة الحكم من ناحية ثانية وذلك بالعمل على تجميع الجهود لبناء جبهة وطنية واسعة تضم جميع الحريصين على إنقاذ البلاد ومعالجة معضلاتها العسيرة، وفق برنامج وطني ديمقراطي يلتزم بنبذ المحاصصة الطائفية ويحترم استحقاقات المواطنة ويرفض التدخل الأجنبي ويعزز الوحدة الوطنية والروابط العربية ويلتزم بنزاهة القضاء واستقلاله )) . ويبدو هنا أن الأزمة الحقيقة في العراق ليست موجة العنف الطاغية على كل شيء فيه بل الأزمة تتوزع على محاور خمس : - 1 – نبذ المحاصصة الطائفية 2 – احترام استحقاقات المواطنة 3 – رفض التدخل الاجنبي 4 – تعزيز الوحدة الوطنية 5 – نزاهة القضاء واستقلاله

ويبدو إن القائمة العراقية لا ترى أن الحكومة العراقية تلتزم بأي من هذه المحاور الخمس فهي تتمسك بالمحاصصة الطائفية كمنهج سياسي دائم في العراق وليس منهجا مرحليا أملته ظروف انعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين العراقيين ، وهو منهج زائل بزوال ظروف إملائه ، وهي أيضا لا تحترم استحقاقات المواطنة ولا ترفض التدخل الأجنبي ولا ... الخ ، ولأجل ذلك جاءت العراقية لتحقيق كل هذا ، انه أمر مضحك ، وتشخيص اعور لازمة العراق ، لا ينظر إلا بعين واحدة .

لقد تغافل الدكتور علاوي أن لا احد من جميع فصائل الإرهاب العاملة في العراق تطالب بأي من هذه المطالب ، أو تسعى إلى تحقيقها ، و إلا هل سمعتم بربكم أن مجموعة منها طالبت - في بيان لها - بنبذ المحاصصة ، أو احترام استحقاقات المواطنة أو ... الخ . وإذن لم تطرح القائمة العراقية مشروعا للإنقاذ وللحكم في العراق يتضمن المحاور الخمس أعلاه وأعضاؤها هم السياسيون البارعون ، ليتني ادري .

لكن هل يمكن أن يكون هناك صفقة معقودة بين القائمة العراقية ومن يلتحق بمشروعها المشبوه وبين الفصائل الرئيسية للإرهابيين؟؟ و خلاصته ؛ أن تلقي تلكم المجموعات بسلاحها وتلتحق مع حكومة الإنقاذ الوطني العلاوية ، لكن شريطة أن يكون ثمن التحاقها وعودتها إلى سدة الحكم من جديد هو إن تقوم بتصفية المجموعات الإرهابية القادمة من وراء الحدود ، ربما يكون الأمر كذلك من يدري (( فالأيام حبالى يلدن كل عجيب )) .

وأما ارتباط البيان التهديدي بمجمل الصراع الإقليمي الدائر بين إيران من جهة والعربية السعودية وحلفائها من جهة أخرى . وقد ظهرت تجليات هذا الصراع في عدة مواقف منها هذه الحملة الواسعة من قبل الإعلام العربي الطائفي من التحذير من مخاطر الامتداد الشيعي في المنطقة العربية .

إننا لم ننس بعد موقف النظام السعودي من الانتفاضة الشعبانية عام 1991 ذلك الموقف الذي كان من بعض نتائجه وآثاره تلكم المجازر التي تعرض لها العراقيون في الفرات الأوسط وفي الجنوب على حد سواء . واليوم يحاول النظام السعودي أن يلعب نفس الدور في الساحة العراقية ، ويأتي الإعلان عن قيام بندر بن سلطان بحملة واسعة النطاق لدعم العراقيين السنة مع إضعاف دور الشيعة في العراق في إطار الصراع الإقليمي بين السعودية وإيران ، وتأتي مباحثات علاوي و زلماي السفير الأمريكي في العراق مع السيد مسعود البارزاني في إطار جس نبض الموافقة على تنفيذ المخطط السعودي للعراق .

إن القائمة العراقية بسبب ارتباط زعيمها بالمخابرات السعودية سوف تكون الممثل للبرنامج السعودي في العراق ، وهو برنامج يريد أعادة العراق إلى وضعه السابق معتمدا على وجوه كان تاريخها السياسي جزءا من تاريخ حزب البعث في الحكم وإدارة الدولة ، وجزءا من طبيعة حزب البعث في صناعة المؤامرات ، وانصياعه لأمر أهل التآمر في المنطقة العربية .

إن القائمة العراقية بشخص رئيسها لا تريد المشاركة مع الفرقاء السياسيين لإنقاذ العراق ، بل تريد أن تنقذه بنفسها ولوحدها ، أما الشراذم المتحالفة معها واعني بهم اؤلئك الذين ذكرهم أيهم السامرائي يوم أمس على قناة الجزيرة فهم ليسوا سوى امعات لا قدر لهم في ميزان الرجولة .

وللتاريخ نقول أن القائمة العراقية ومن يتحالف معها لا تريد إنقاذ العراق ، بل ليس من همها هذا ، أنها تريد الحكم في العراق تريده بأي كيفية كانت ، لان في الحكم لذاذات ما بعدها لذاذات .  وأما حديث الديمقراطية واستحقاقاتها ، ومأساة العراقيين بكل تشعيباتها وتلاوينها ، فهو حديث تطرحه للسفهاء والحمقى من الناس . وليس العراقيون منهم فقد (( شب عمرو عن الطوق )) والأيام بيننا لننظر لمن الفلج . علي عبد الهادي الاسدي / النجف الاشرف / 3 / 3 / 2007

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك