سعيد البدري
في الوقت الذي ينادي فيه الجميع بالإصلاح، تقف البلاد أمام مفترق طرق لايمكن معه المساومة او التلويح بأوراق أخرى، بعيدة عن هذا المنحى فالاصلاح بات ضرورة ملحة تفرضها طبيعة المرحلة والظروف التي تحيط بالعراق حيث الأخطار المحدقة وحجم التدخلات في شؤوننا،فضلاً عن عدم ترسخ التجربة الديمقراطية التي حلمنا بتمامها وتحولها الى برنامج عمل لاشعارات, نعم ان الديمقراطية والعمل على تحقيقها يتطلب بناء مؤسسات رصينة يمكنها أن تتعامل مع الأوضاع والمستجدات وتحفظ حق المواطن، وإلا ما فائدة أن يذهب الناس الى مراكز الاقتراع ويرموا بورقة فيها اسم المرشح ثم يجلسون في بيوتهم بإنتظار ان تتشكل حكومة دون ان يكون هناك وعي بأصل الممارسة الانتخابية، ولماذا تعتمد وإلى أين ستمضي بالبلاد والعباد وقد رأينا ذلك جلياً بعد أن تعطل تشكيل الحكومة الحالية أشهراً طويلة وما تلاها من تلكؤ في تسمية الوزراء الامنيين ورؤساء بعض الهيئات والمؤسسات التي هي أصلاً من بنية الدولة ولازال هذا التلكؤ والالغاء المتعمد مستمراً، والسؤال هنا من أين نبدأ بعملية الاصلاح الفعلية، هل نبدأ إنطلاقاً من مصالح الكتل ونغيب المواطن، أم نبدأ من تعميق حالة المشاركة وننطلق بإتجاه حفظ حقوق المكونات أم من طبيعة الخلافات التي نشأت وجلها إعلاميّة ومفتعلة تغطي على حقيقة أكبر هي السير بنهج التفرد والشخصنة حتّى بتنا نرى عودة الصور والألقاب من جديد إلى الواجهة وفي معظم الدوائر الحكومية وحتّى دواوين المنتفعين الذين أعادوا العيش بترديد نغمات وجمل التمجيد وصحة المشاريع التي تطلق بايحاء من رمز الامة وقائدها الاوحد، وربما هناك مسميات اخرى يتم اطلاقها في سلم أولويات البعض من قبيل الممثل السياسي للطائفة او المكون الذي لايخطىء أبداً، إننا نحتاج فعلاً إلى نظام سياسي ديمقراطي يعتمد التعددية والشراكة الحقيقيتين، يشرع بتنمية البلاد ويحقق الاستقرار للشعب يكون للمواطن فيه دور وينعم تحت ظله بالحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص، بعيداً عن التمييز والعنف وقد يكون مثالياً أن ننظر الى الأمور بهذا المنظار لكنّ لابدّ من إيجاد إصلاح حقيقي يوصلنا الى هذه الرؤية ولا أجد سبيلاً آخر في طرح ما أريد قوله الا باستعارة ما ردده السيد عمار الحكيم في ان ننظر الى المستقبل بتفاؤل مقرون بالعمل، وان لا نستكثر فيه الوصول الى مصاف الدول المتقدمة التي وصلت قبلنا بكد وجهد وعمل كاليابان، حيث يتمتع الجميع بخيرات بلادهم وماذا ينقصنا للوصول الى ذلك غير الارادة والتخطيط وصفاء النية والابتعاد عن الشعارات الزائفة والخطب الرنانة التي لاجدوى منها فقد جربنا سابقا نتائج الاستئثار وتسلط رعاع القرية ومنهج اللصوص، وعظمة الحزب القائد او القائد الاوحد، وجماعة فلان الزعيم، غيرها من مسميات وتوصيفات تافهة، لقد جربنا قبل غيرنا التغيير وعشنا سنوات وسنوات نحلم كشعب في فك رموز معادلة الوصول وتحقيق المراد نمني النفس ويستجدي بعضنا حسنات من يعتقدون انهم المفتاح للتمتع بخيرات هذا البلد والنتيجة ان الجميع غير راضون عن ما تحقق (بغض النظر عن اعداء التجربة الديمقراطية) لكن ما هو السبيل وقد اسلفنا انه الاصلاح وليس لنا إلا أن نضغط باتجاهه لئلا تصادر هذه التجربة ونعود للدوران في فلك الديكتاتوريات، وكيف يتأتى ذلك ببساطة اننا كشعب نمتلك ماهو اكثر من ذلك لسبب بسيط هو ان السلطة الحاكمة في نظامنا تستمد قوتها وشرعيتها من الشعب العراقي الذي منحها ثقته بحرية عبر صناديق الاقتراع وعلينا ان لانضيع هذا الحق بتبعية غير منتجة للسلطة فأن تنكر شخص او حزب او كيان لما نريده بوعي وادراك ولدينا من النخب والكفاءات الكثير والكثير جدا فلماذا لانستبدله بآخر وكيف يكون ذلك وهؤلاء يسيطرون على مراكز القرار والمال وكل مقومات الحكم وتأثيرات هذه العناصر مجتمعة وللاجابة فلدينا مؤسسات مدنية ومنظمات مجتع مدني وقرار مؤثر تمثله المرجعيات الدينية فضلاً عن اشخاص حريصين وكيانات في الدائرة السياسية نرجو ان يكونوا بمستوى المسؤولية لاحداث التغيير الذي نقصد به الاصلاح لا الالغاء والاجتثاث.
https://telegram.me/buratha