المقالات

اعتقال الشيطان واطلاق النورس /

515 13:24:00 2012-07-21

حافظ آل بشارة

شهر رمضان أيام لتفعيل ورقة الاصلاح البشري بجميع فقراتها ، تتضمن المقدمة هدفا اعلى هو ترك الشهوات ، ومحاكمة النفس في محكمة يكون فيها العقل هو القاضي بلا تسييس مع طرد المحامين ، شهر رمضان جدول حسابات ختامية اخلاقية عقائدية سنوية . اذا بقي الناس منقادين بحبال شهواتهم المنفلتة فقد توجهوا الى جهنم من أقصر الطرق ، يدخلونها بلا حواجز ولا سونار ، هذا الشهر ايام تحرر من لزوجة الأرض ومستنقعاتها ، سفر عمودي وتحليق منعش في عالم الارتواء والاسترخاء ، تأجيل العالم الحسي بتفاصيله الكئيبة ، اكتشاف ملذات من نوع جديد في افق جديد ، صحيح ان جمهورا واسعا من الناس يعجز عن الانسلاخ من عالم الشهوات ، أحدهم مثل نورس على شاطئ دجلة تربط جناحه الى صخرة ثم تأمره بالطيران ، الشهوات تلصق ضحاياها بالارض كنورس مربوط ، الارض مكان ضيق كالسجن ، العيش فيه يتطلب الدخول في صراع فمن خسر فيها فهو مكدود ومن انتصر فهو محسود ، الصوم مدرسة الزهد ، الزهد يورث المحبة والتضامن ، وما يبلغه الطماعون من الدنيا ليس اكثر مما يبلغه الزاهدون منها والشعور بالتفوق اوهام ، الانسان خليفة الله ولكن الشهوات تحطم كرامته وتحوله الى بهيمة متورمة ثقيلة قاسية عمياء مستعبدة ، اذا كثر عبيد الشهوات في اي بلد اصبح الدين غريبا بينهم ، في البداية يتجاهلون نداء الوحي ويعدونه مجرد ظاهرة تأريخية ، ثم يدرجونه ضمن قائمة الاعداء ، الدين عدو لهم غير مرئي لكنه قوي الحضور لأن العبودية التكوينية لله حاضرة تلاحق الجميع لذا لا يمكنهم ان يشعروا بالسعادة ، عبيد الشهوات تنطبق عليهم صفاة مجتمع العبيد ، من علاماتهم قسوة القلب والتملق للاقوياء والتكبر على المستضعفين وعدم تذوقهم القيم المعنوية ، الالحاد هو المنهج الوحيد الذي لا يحتاج الى مدرس ، عندما يكون الايمان فضيلة الفطرة المتحكمة بشهواتها ، فالالحاد هو مقلوب موضوعي كامل للفطرة حين تنغمس في شهواتها ، الانغماس في الشهوات المنفلتة يكفي لبعث ثقافة الالحاد في حياة البشر حتى يشعروا بالاختناق لدى سماع صوت المؤذن . مسمياتهم غريبة ، يسمون علماء الدين بالوعاظ ، ويسمون الشعائر طقوسا ، ويسمون الاديان ميثولوجيا . شهوات الحكام تدمر بلدانا عظيمة بنيانا وحضارة وانسانا ، هلاك لشعب كامل ، شهوات الحكام أخطر على شعبهم من الصواريخ النووية ، وما أحدثه طواغيت الشرق بشعوبهم أشد هولا وأكثر ايلاما ودواما مما فعلته الحرب العالمية باوربا ، تلك الحرب انتهت واعقبها الاعمار والرفاه والتطور ، والشعوب الخاضعة للطواغيت لم تنته محنتها وعذابها متواصل لأجل غير مسمى ، اذا كان الصوم ضروريا للرعية فهو مصيري للحكام لأنهم عندما يتنازعون الامر بينهم ينسون الموت والقبر والبرزخ والنشور وهول المطلع ، بعضهم لا يترك صلاة الا صلاها ولا دعاء الا قرأه ولكنه ينسى الله عندما تتعرض مصالحه التافهة الى الخطر ، انه الالحاد العملي ، الالحاد التنفيذي ، لا رب له الا نفسه ( أفرأيت الذي اتخذ الهه هواه ) ، فما بين التدين النظري والالحاد العملي ، يأتي شهر رمضان ليضع النقاط على الحروف ببيانه الختامي ، فرصة متجددة للتوبة ، للانتصار في معركة النفس ، اهم اعلان في هذا الشهر ان الشيطان معتقل ولا سلطان له على العباد والنفس الأمارة بالسوء تعمل هذا الشهر لوحدها ، فان تكاثرت المعاصي في هذا الشهر فهو دليل على ان هناك نفوسا بلغت من البراعة في المعاصي مستوى لا يبلغه الشيطان ، بينهما توافق وتحالف وثقة متبادلة حتى ينوب أحدهما عن الآخر بصلاحيات مفتوحة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك