نائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي
يهاجم البعض تقاليدنا.. ولاشك هناك امور تحتاج الى نقد وتصحيح.. لكن العادات والتقاليد الحميدة تساعدنا في امور كثيرة ومنها الازمات.. فالمجاملات والمناسبات لها ادوار وظائفية، اجتماعية واقتصادية وسياسية.. وهي جزء من منظومة متكاملة تؤدي دورها مع الوسائل والادوات الاخرى، وتستمر باداء وظيفتها، حتى مع عجز غيرها.
فالازمة السياسية الاخيرة عطلت البلاد.. وهناك اتهامات متبادلة وتدهور في العلاقات وفقدان الثقة وتعطيلات متقابلة... فحاول كثيرون ايقاف التدهور وتفعيل مسالك هادئة لمعالجات سياسية مطلوبة، لخلل لم يعالج بعد، رغم اثاره الخطيرة على مصالح المواطنين، وحاضر ومستقبل النظام.. فلم تنجح دعوات الحوار والمؤتمر والاصلاحات.. رغم ذلك نجحت التقاليد في تحقيق شيء ما.. فها هو المالكي يزور النجيفي معزياً اياه بفقدان احد اقاربه.. وقبلها كانت الاعياد الشعبانية فرصة للقاء الكثير ممن انقطت الاواصر بينهم.. وقريباً سيحل علينا شهر رمضان المبارك.. وستكون هذه مناسبة لتبادل التبريكات والزيارات ودعوات الافطار والمجالس الرمضانية.. والتي قد تفتح نافذة لحوار او تسد باباً لفتنة، رغم حدة الصراعات. فاجتماع وتواصل الشخصيات السياسية، ومنها المتخاصمة، في المناسبات هو دائماً امر مفيد.. لا ضرر ولا حرج منه، تستوعبه المناسبة ومعانيها السامية لتبقي الجسور قائمة.. وهذا اضعف الايمان، رغم ان قضايا الوطن يجب ان تكون فوق الاعتبارات، واهم من ذلك بكثير.
لسنا من السذاجة لنعتبر لقاء المناسبات بديلاً -ولو بسيطاً- لسياسة واجراءات المؤسسات التي لا تقبل المجاملات.. ولسنا بالبساطة لنعتبر مصافحات المجاملة بديلاً عن الاتفاقات الموقعة والمضمونة التنفيذ والالتزام. فالاساس هو التمسك بالقواعد الدستورية والقانونية.. التي يجب ان تكون فوق الاشخاص، يحترمونها كاملة اعتقاداً وايماناً وليس تكتيكاً وحساباً، بعد تفكيكها وتجزئتها. فلقد اتفقنا جميعاً، عند اعداد الدستور وتصويتنا له، ان نجعل رؤانا ومصالحنا خاضعة لاحكامه وضوابطه واجراءاته، رغم كل النواقص.. واتفقنا ان نجعل البرلمان محور نظامنا السياسي.. وان نمنح الحكومة صلاحياتها وامكانياتها التي تسمح لها بالانجاز والنجاح.. وان تخضع فردياً وتضامنياً للرقابة والمحاسبة والتداول.. وان نطبق النظام الاتحادي واللامركزي ليأخذ الاقليم والمحافظات ما لهم وينفذون ما عليهم.. وان نبني دولة قوية لا تستقوي على حساب مجتمعها وشعبها بل تتقوى بقوتهما.. وتجعل نفسها في خدمتهما.. لتصبح فعلاً دولة الدستور والقانون والمؤسسات لا المنازعات والفوضى.. ودولة المواطن لا المسؤول.
https://telegram.me/buratha