خضير العواد
لقد تغيّرت الطرق والأدوات التي من خلالها تسيطر الدول العظمى على الشعوب المستضعفة ، وهذه الطرق المستعلمة تعتمد على الأرضية الثقافية التي تمتلكها الشعوب والتي من خلالها يمكن معرفة تأثير وأستقبال هذه الطرق من قبل الشعوب العربية والإسلامية ومن ثم السيطرة عليها إن كان بصورة مباشرة أو غير مباشرة تعتمد على الظروف التي تحيط بأي مرحلة ، فبعد أن كانت القوى العظمى تسيطر مباشرةً من خلال الحكومات المتخاذلة و قواتها والقرارات الأممية على منطقة الشرق الأوسط ، تغيّرت إستراتيجية هذه القوى في المنطقة بعد حرب تموز و التغيّر الإستراتيجي في طرق المقاومة الفلسطينية بالإضافة الى التطور الكبير الحاصل في إلصناعة الإيرانية وخصوصاً الدفاعية والنووية ، وتوجه الطبقات المثقفة من الشعوب العربية والإسلامية الى النهج الثوري المقاوم الرافض لكل وسائل الأستسلام التي تتبعها الحكومات العربية ، وقد فشلت هذه الحكومات في إيقاف الزحف الكاسح لهذا النهج والتوجه بالإضافة الى فشل الغرب وإسرائيل في هزيمة هذه الظاهرة العربية والإسلامية المحتاجة لها شعوب المنطقة ،
لهذا توجهت هذه القوى ( الغرب وأمريكا) الى نهج وطريقة جديدة في مواجهة هذه الظاهرة ، فبعد إندلاع الثورات العربية وخروج الشباب العربية المضطهد على بكرة أبيه للمشاركة في هذه الثورات من أجل حياة افضل ، ولكن من أهم الغايات التي من خلالها ظهر دعم الغرب وحكومات الخليج لهذه الثورات هو ضرب المقاومة العربية والإسلامية أي ضرب النهج الثوري للشباب العربي بنفس السلاح التي أرادت الشعوب العربية أستعماله بالتخلص من الأنظمة الدكتاتورية وهو دعم الثورة التي خُلقت من قبل هذه الحكومات والغرب في سوريا ، لأن سوريا القلب الذي يوصل كل ما تحتاج إليه هذه المقاومة وهذا النهج ،
فإذا سُيّطرَعلى هذا القلب ضعفت كل قوى المقاومة وبالتالي يمكن هزيمتها بسهولة لأنها ستُعزل عن المصادر الداعمة ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف ستغيّر الحكومة في سوريا والتي تمتلك عوامل لم تمتلكها الحكومات في بقية البلدان العربية ، منها الموقف المشرف لهذه الحكومة من القضايا العربية وخصوصاً فلسطين وهذا ظهر جلياً من بقائها وحيدة بوجه الغرب وإسرائيل بعد أن تخاذلت جميع الدول العربية وأعطت الراية لليهود ، دعمها للمقاومة العربية بشكل عام الإسلامية والعلمانية ، قرب إسرائيل من الحدود الإسرائيلية ومن ثم أي ضغط عسكري على سوريا من قبل الغرب وأمريكا ستكون إسرائيل مهددة بالضرب من سوريا وبقية المقاومة العربية ، تمتلك الحكومة السورية شعبية جيدة بين أوساط الشباب العربي المثقف إن كان في داخل سوريا نفسها أو في بلدان الدول العربية بسبب هذه المواقف مما يصعب إقناع هؤلاء الشباب بدوافع أي تدخل عسكري في سوريا ، لهذا تغيّرت إستراتيجية الغرب وأمريكا في سوريا بسبب العوامل أعلاه ،
لهذا أصبح التوجه الى دفع الدول العربية الى هذا التغير ومن أهم الدول التي يمكن أن تنجح بهذه المهمة هي قطر والسعودية لما يمتلكان من صفات تؤهلهم لهذا النجاح ،
أولا: طاعة السعودية وقطر العمياء لأنظمة الغرب وأمريكا لأن هذه الأنظمة لها الفضل في إمتلاك وبقاء العائلتين على الحكم في السعودية وقطر ،
ثانياً : إمتلاك هاتين الحكومتين للمال والإعلام الذي يحتاجونه في هذه المهمة ،
ثالثاً : سيطرتهم على مجاميع إسلامية طائفية ومتشددة ذات فكرة دموية في تصفية معارضيهم (الوهابية) ،
هذه النقاط الثلاث التي جعلت المواطن العربي تتشوه عليه الصورة في سوريا ، بعد أن حاول الغرب وأمريكا إدخال الشعب السوري من ضمن الثورات العربية ولكن بسبب عدم نجاحهم أستعملوا الحرب الطائفية ودعموها كل الدعم ، وبسبب تغذية الحكومات العربية المستمرة للطائفية في عقلية شعوبها لقت آذان صاغية هذه الحرب عند المواطن العربي ، فأنتقلت هذه الحرب من إسرائيل وأمريكا لتدمير كل من يقف أمام توسعاتهم ومصالحهم الى حرب طائفية سنية شيعية تقودها السعودية وقطر بكل إمكانياتهما ، وأصبح كل تحرك وطني وشعبي يرفض العبودية للغرب والحكومات الرجعية العربية يستعلمون معه سلاح الطائفية والتبعية لإيران ،
وهذا مايحصل في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية والبحرين وكذلك أستعمل لبعض الوقت في اليمن ومصر وأستعمل بكثرة في سوريا ، فأصبح سلاح الطائفية ( الوهابية ) السلاح الفتاك الذي يستعلمه الغرب والحكومات العربية الدكتاتورية لضرب كل تحرك وطني ثوري يرجع للأمة العربية والإسلامية هويتها وكرامتها وعزتها بعد سنين الذل والمهانة وأغتصاب الحقوق ، ولكن السؤال المهم والكبير هل سيعي الشباب العربي الطرق الجديدة للسيطرة عليه من خلال أستعمال الغرب لسلاح الطائفية البغيضة (الوهابية) ومنعه من الوصول الى مبتغاه في بناء دول ديمقراطية يعيش فيها الجميع بالتساوي من ناحية الحقوق والواجبات .
https://telegram.me/buratha