منذ أن حكم العملية السياسية ما أصطلح عليه بالتوافق السياسي كان العديد من المخلصين يرون أن ذلك ليس إلا بديلاً إلتفافياً على دور ممثلي الشعب في مجلس النواب، وسنكون بمعنى آخر بصدد عملية تزييف للارادة الشعبية، وسيكون المجلس بلا مجلس!! والجالسين تحت قبته ليسوا إلا مجموعة كبيرة نسبيا من "البصامين" الذين لا يمتلكون صلاحيات حقيقية، فالصلاحيات خارج البرلمان بيد بضعة رجال هم قادة البصامين أو زعماؤهم السياسيون! هؤلاء البضعة سلطة فوق السلطات، وعمليا أنتقلت السيادة من الشعب الى "البضعة المهيمنة"، وكان المخلصون الذين لا يسمعهم أحد يقولون: أن الدستور بهذه الطريقة سيتحول الى كتاب مغلف بعناية فائقة يركن في مكاتب الساسة للتبرك! تماما كما يفعل سواق سيارات التاكسي بوضع الأدعية والكتب المقدسة في سياراتهم للتبرك..!
ولأن معظم "البضعة المهيمنة" تحتل مناصب تنفيذية أو إجرائية في مفاصل الدولة العليا، أو أنهم بالأحرى يمثلون السلطة العامة، فإن توافقاتهم تعد تدخلا وهيمنة من قبل السلطة التنفيذية في أعمال السلطة التشريعية، بما يخل بأهم مبدأ من المبادئ الديمقراطية، الذي هو مبدأ الفصل ما بين السلطات، لتصبح الديمقراطية عندنا شكل لا جوهر له، ويتم تفريغها من مضمونها الحقيقي، ويصبح الناخب وظيفته ان يذهب الى صناديق الاقتراع للتصويت فقط، دون ان يكون هناك فاعلية لعملية التصويت تلك، لان من يصوت له لا يستطيع ان يشكل الحكومة، فالحكومة تشكل بالتوافقات السياسية للبضعة المهيمنة، كما أن الناخب أو ممثليه لا يستطيعون مراقبة الحكومة، وان كان هناك رقابة فليست رقابة فعلية بل رقابة شكلية لا تسمن ولا تغني من جوع، لانها لا تؤثر على أداء الحكومة من قريب او من بعيد..
وهكذا فإن "البضعة المهيمنة" باتوا أصحاب سيادة أعلى من السلطات الثلات التشريعية و التنفيذية والقضائية، لقد كانت نتيجة هيمنة هذه "البضعة" تزييف وعينا السياسي وتزييف الديمقراطية وسرقة العملية السياسية برمتها، ولو كان لوجودهم أو لدورهم أو لقراراتهم أساس دستوري لخضع هذا الوجود لإعتبارات جديرة بالاحترام والموثوقية، ولكننا قد رضينا بقسمتنا بأن يكونوا أزواجا لأمهاتنا رغم أنوفنا...!
كلام قبل السلام: لا معنى لوجود قفل للباب الذي له مفاتيح كثيرة بيد مستخدمين عديدين.
سلام...
https://telegram.me/buratha