بقلم نائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي
صدور قانون مكافحة التدخين والبدء بتطبيقه مكسب مهم يجب ان يسجل للسلطتين التنفيذية والتشريعية وللنائب جواد البزوني مقدم المشروع.. وبالاخص اذا ما كان التطبيق حكيماً وهادفاً يتوخى تحقيق الاهداف التي شرع القانون من اجلها.. لا ان يتحول الى معاناة وعقوبة جديدة للبعض.. وفرصة للامتياز والربح لاخرين.
مرت البشرية بتاريخ طويل من اشكال مختلفة من التدخين.. وسواء اكانت فردية او جماعية لكنها كانت اقرب للطقسية.. ولم يأخذ التدخين هذه الدرجة من الخطورة الا عندما تحول الى ظاهرة اجتماعية وادمان فردي.. صار يوقع الاضرار الكبيرة بالصحة والسلوك العامين مباشرة.. او بالتدخين السلبي.. دون الكلام عن الاضرار البيئية والاقتصادية او الاجتماعية الاخرى. مسبباً الموت لاضعاف ضحايا الكحول او المخدرات او الايدز.. او الارهاب والحروب.. او امراض كالطاعون والكوليرا والتيفوس والتيفوئيد والسل والجدري والجذام مجتمعة . تقول التقارير الدولية ان 3 من كل 10 مدخنين نتيجتهم الموت، الذي يكلف البشرية 2.5 مليون شخص سنوياً.. اما عراقياً فالوضع خطير.. اذ يحصد حوالي 15000 مواطن سنوياً، حسب بعض التقارير، وقناعتنا انه اكثر من ذلك بكثير.. وان الظاهرة في ازدياد خصوصاً بين الشباب، وفوق سن الـ13 عاماً.
فالعراق يعتبر من بلدان النسب العالية في التدخين.. فمن بين كل 4-5 اشخاص هناك مدخن واحد، اي (20-25%) من السكان وما يقدر بـ 5 مليون مدخن.. والرقم مرشح لان يتضاعف (مصادر وزارة الصحة) قبل نهاية العقد الحالي. سيسخر كثيرون من القانون، ولن يبالي اخرون به.. بل قد تستغله بعض الاوساط لتحقيق مكاسب مادية سواء بترويج التهريب كبديل للسكائر المصنعة محلياً او المستوردة، التي سيكون رفع اسعارها احدى وسائل المكافحة.. فسعر العلبة اليوم 250-500 د.ع. بينما تصل في بعض بلدان اوروبا لـ 20 ضعفاً، مما شكل رادعاً قوياً. رغم ان القانون بداية جيدة، لكن محاربة التدخين يحتاج الى سياسة طويلة النفس.. فالمدخن مبتلى وليس مجرماً.. ولابد لسياسة الحزم والردع البقاء في هذا الاطار، مما يتطلب تعاون واسناد مؤسسات عديدة.. ودعما متواصلا بين المدخنين انفسهم وعوائلهم والمواطنين.. وفي المدارس والجامعات والاندية.. ومن العلماء والخطباء والمربين.. ومن القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الاعلام والنشر.. والى حكمة وسلسلة اجراءات تجمع الحزم والعطف، ليعطي القانون نتائجه.
https://telegram.me/buratha