جميل الهادي
جاء في إحدى الرويات إن أبي مسلم الخراساني بعث ثلاث رسائل إلى الإمام الصادق يدعوه فيها إلى تزعم حركة الإطاحة بالنظام الأموي كونه إي الإمام زعيم العلويين وحيث إن الشعار الرسمي للثورة أن ذاك كان يا لثارات العلويين , فقد كان جواب الإمام للخراساني أن احرق الرسالتين الاؤلتين أمام ناضري رسول أبي مسلم أما الثالثة فكان جوابه تحريرا بما معناه إن ثورتنا نحن أهل البيت لم تكن يوما تطالب بتغير الحاكم والسيطرة على كرسيه لكننا كنا نطالب بإصلاح المفاهيم والقيم الإسلامية التي بعث من اجلها رسول الله والتي شوهت وحرفت بسبب الحكام الأمويين طوال ثمان عقود والتي كانت أثارها بعد التشويه مدمرة لروحية الفرد المسلم وفطرته التي فطره الله عليها مما أدى لانحراف المجتمع نحو الجاهلية والقبلية والطائفية حتى عم الظلم أرجاء الأمة , وبات الفساد الإداري والمالي والاجتماعي ينخر مؤسساتها ويهدم أسباب وجودها .لذا إن ثورتنا تبدءا من إصلاح الفرد أولا والذي بدوره يحقق إصلاح المجتمع وبعدها تبدءا دولة العدل والحرية بتثبيت اوسسها مشيدتا" أركانها الراسخة في روح وعقل وسلوك أهلها وواهبتا" خيرها للجميع بدون تمييز أو استثناء, هنا كانت نهاية جواب الإمام وبداية خارطة الطريق لنا كمصلحين أو مطالبين بالإصلاح في كل زمان ومكان, ولأننا كعراقيين قدر لنا أو هكذا نظن أن نعيش بين جدلية الإصلاح والفوضى فما أن يهلك ظالم مستبد حتى يخرج علينا أخر يكون أوله مناصرا للمظلوم ,وأوسطه ناكثا بوعوده له ,وأخره ظالما له من جديد لأننا نحن الطليعة والجمهور تبهرنا الشعارات وتسحرنا الخطابات وتسكرنا الوعود حتى نصحو وسياط الظلم تلهب ظهورنا من جديد ,فما يجري في العراق الحديث سيناريو قديم يؤدي دور البطولة فيه حكام جدد لهم نصيب الأسد من كل شيء جيد فخطوط الكهرباء لديهم ماسية , ومائهم المقطر والمعالج بالأشعة ما فوق البنفسجية, ورواتبهم خيالية وتقاعدهم يحلم به حكام أوربا وأمريكا , وعمولاتهم تستثمر في كل دول العالم إلا العراق فهو بلد غير مستقر وأهله سرعان ما ينقلبون على حكامه الظالمين ,وأمان ربي أمان من كل عقاب قد يترتب على كشف نائب يقتل الأبرياء ويستخدم مواردهم لذبحهم أو وزير لم يتم صفقته المشبوهة بشكل قانوني فهو لم يكمل دراسته الأكاديمية بشكل صحيح أو حتى إرهابي عاث في الأرض فسادا ولم يسلم منه حتى الحجر والمدر لكنه ينتمي لجهة سياسية ممثلة في الحكومة , وفي خضم هذه التناقضات يكمن السؤال من أين نبدأ وأي الطرق نسلك وأيها نختار للنجاة من هذا العذاب المستمر استمرارية الحياة .والمفارقة إن الإجابة بسيطة وبابها مفتوح وصوتها يصدح كل أربعاء على لسان أبناء الأنبياء يا أيها الناس إن نجاة الأمة بصلاح القادة واستقامة الرعية كما يقول أمير المؤمنين فهذه المعادلة الوحيدة والتي إن فكت رموزها و تحققت معطياتها تكون نتائجها مذهلة, ولنتذكر تلك المقولة الشهير كيفما تكونوا يولى عليكم.فنحن لا يمكن أن ننتخب قادة صالحين يسيرون أمور البلاد ونحن نعتاش من الرشوة رغم إن البعض يسميها هدية أو نسرق الدولة بحجة اخذ حصتنا من النفط أو نطالب بالفصل العشائري ونضرب قوانين الشرع الحنيف عرض الحائط ونحن ندعي الثقافة ونتسابق لنيل شهادات الماجستير والدكتوراه أو نلعب المزرعة السعيدة في حين إن المراجع ينتظر انجاز معاملته على أحر من شمس تموز أو نتجاوز إشارة المرور ونسير بعكس اتجاه السير بحجة إننا موظفي دولة خارج نطاق القانون أو نبيع ونشتري بعرض هذا الوطن بحجة مجهول المالك ,أو نبيع كيلو العدس بضعف سعره ونحن نستقبل شهر رمضان أو نختلس الأدوية ذات المنشأ الجيد من مشافينا الحكومية لتباع في دكاكيننا الخاصة أضعاف سعرها لتمتلئ جيوبنا بالمال الحرام وليموت الفقير حتف مرضه إذا يجب أن تكون الأولوية لإصلاح المواطن و إحياء روح المواطنة وحب الوطن فيه نفسه من جديد عندها فقط نستطيع أن نبني الوطن لان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
https://telegram.me/buratha