المقالات

العراق..."ذكاء"العملية السياسية

526 13:19:00 2012-07-12

علي بابان وزير التخطيط السابق و القيادي بائتلاف دولة القانون

اجرى مجموعة من الباحثين الأمريكيين دراسة على الرؤوساء في بلادهم لبيان مستوى ذكائهم و قدراتهم الذهنية و تمت دراسة حالة عدد كبير منهم وفق منهجية علمية اعتمدت على إحتساب عدد المفردات و الضيغ و التعابيير التي استخدموها في خطبهم و تصريحاتهم و كتاباتهم فثراء اللغة عند هؤلاء الباحثين هي المعيار الأدق لتحديد عمق أو ضحالة فكر صاحبها و مقدرته العقلية ، عكف هؤلاء الباحثين دهرا قبل أن يعلنوا نتائجهم و التي كانت مفأجاة للرأي العام إلى حد كبير فلقد اتضح أن الرئيس الأمريكي بيل كلينتون هو اذكى الرؤوساء على الإطلاق بينما احتفظ جورج بوش ( الأبن) بلقب ( أغبى الرؤساء)لضئالة عدد المفردات و التعابير التي استخدمها .الثراء اللغوي معيار سليم بالفعل لقياس قدرات الساسة و عموم الناس فوراء كل مفردة معنى مستقر في النفس و عند كل جملة مغزى و في ثنايا كل تعبير فكرة تولد و تنضج كما تنضج الثمرة ، و القرآن الكريم يؤكد لنا هذا المعنى و يرسخه من خلال الآيات ( و علم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملئكة فقال انبؤني بأسماء هؤلاء أن كنتم صدقين) فآدم استحق الإمتياز و الخلافة في الأرض بقدرته على حفظ الأسماء و توليد المعاني و الله سبحانه و تعالى يقول " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي و لو جئنا بمثله مددا"و هذا دليل على غزارة الفكر و العلم و حدودهما اللامتناهية و إرتباطها بثراء المخزون اللغوي و إتساعه.لو جئنا نطبق هذه المفاهيم على السياسة العراقية فما الذي سنجده ..؟؟سنكتشف ظاهرتين واضحتين للعيان أولاهما ..المحدودية المذهلة للمصطلحات و التعابير السياسية المستخدمة لدى ما يعرف بــ ( النخبة السياسية ) ..و ثانيها ..التكرار الممل و المزعج لهذه المصطلحات لدى القوى و الشخصيات السياسية رغم إختلافها و تباينها الشديد في الإنتماء السياسي و الإجتماعي ، هذا يقودنا بدوره إلى استنتاج أن الساسة العراقيين لا زالوا في المرحلة الإبتدائية من ناحية النضج أن لم يكونوا في مرحلة ( الروضة)..و أن مستوى ذكاء العملية السياسية في العراق ( متدن) إلى درجة تنذر بالخطر ..كما يمكن استنتاج أن هذا التكرار الممل و التطالبق في استخدام نفس الجمل يدل على أن الخلافات لا تستند إلى أساس فكري أو سليم و أن هناك قدرا من الإصطناع و عدم المصداقية بين الساسة..فالمواطن العادي يتسأل إذا كان هؤلاء متشابهون حد التطابق فلماذا هم مختلفون حد الاحتراب ، هناك تفسيران لا ثالث لهما فأما أن يكون هؤلاء يفتقدون إلى المصداقية فيما يقولون أو أن كل واحد منهم يحمل مفهوما مختلفا عن الكلام الذي يردده و هنا يطالب بالتفصيل و التوضيح و أن يعلن أجندته الحقيقية و المفهوم الذي يستقر في ذهنه ، فالكل يلعنون المحاصصة صباح مساء..و الكل اصحاب مشروع وطني..و الجميع يردد العراق اولا..و قس على ذلك باقي المصطلحات و التعابيير السياسية التي نسمعها في اليوم عشر مرات.لالعراقيين و تصريحاتهم لوجدنا أن هناك عشرين جملة لا أكثر تتكرر بأستمرار و بشكل مثير للأستفزاز و الملل و لولا خشيتي من إصابة القارئ بملل إضافي لسردت هذه الجمل واحدة ..واحدة..و في بعض الأحيان نجد طغيان مفردة أو جملة خلال أيام أو أسابيع و تكرارها بشكل استثنائي ثم تراجعها لتحل محلها مفردة أو جملة اخرى تستـأثر بإذان السامعين المساكين الذين صار قدرهم أن يصغوا رغما عنهم و أن يتابعوا رغم انوفهم ..لو اجرى نفس الباحثين الأمريكان اصحاب التجربة المشار إليها دراستهم على الساسة العراقيين لإصيبوا بالذهول و لتعذر عليهم أن يصدقوا أن هذا يحدث في بلد عمره الحضاري ستة الآف عام و أن الأديان و الشرائع و القوانين ولدت على ارضه قبل إرجاء الدنيا الواسعة.أود أن استعير هنا سطورا من الدكتور علي الوردي الذي يطيب لي دائما أن استشهد به و اعتقد أن هذا النص يعبر عن الواقع السياسي العراقي الحالي إلى حد كبير."" حين نشهد معركة من معارك النساء في أحد أزقة بغداد القديمة نستطيع أن نفهم طبيعة تلك النظرة الجزئية التي إعتاد عليها الكثير منا فأن المعركة تبدأ عادة بحدوث شجار بين طفلين فيؤذي كل منهما الآخر ، و عندها تخرج أم كل واحد منهما صائحة نادبة حيث نراها تبالغ في تقدير الأذى الذي وقع على طفلها بينما هي تتناسى ما أوقع طفلها على خصمه من الأذى ، و الأم تفعل مثلها طبعا و بذا قد تتضخم المعركة تدريجيا و تمتد إلى الرجال و سائر الأقارب و بمرور الأيام قد تتضخم المعركة تدريجيا و تمتد إلى الرجال و سائر الأقارب و بمرور الأيام قد تتطور المعركة فتصبح تراثا عائليا مليئا بالأحقاد و الثارات ، ومن يستمع إلى أحد العائلتين و هي تقص قصتها يجد بونا شاسعا بينهما و بين قصة العائلة الآخرى فكل عائلة تصور الأحداث من الوجهة التي تلائمها و تنسى الوجهات الأخرى ، لعلي لا أغالي إذا قلت أن أكثر المنازعات الطائفية و السياسية و القبلية التي يزخر بها تاريخنا هي في أساسها الإجتماعي لا تختلف عن معركة النساء الآنفة الذكر""ما أجمل كلمات الوردي..و ما أدق تعبيرها عن واقعنا ..مع الإعتذار للعملية السياسية ""شديدة الذكاء"".

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك