لن تنال الحقوق بالأماني وحدها، نعم أن الأمنيات تؤسس لثقافة رفض الظلم، لكنها إن بقيت حبيسة الصدور بلا تعبير عملي ، لا تعدو أن تكون كبتا مؤلما يتحول إلى قبول وخنوع وأستكانة...في شعبان الخير والبركة 1411 هـ/ آذار 1991 م، تحولت الأمنيات من ثقافة مكبوتة مقموعة، إلى فعل ثوري كان قريبا جدا من النصر،...أربعة عشر محافظة من أصل ثمانية عشر محافظة هي كل العراق كانت قد خطت في جيد التاريخ ملامح مستقبل العراق، وكان بين النصر واليوم الأخير من الأنتفاضة مدى الرؤية فقط، لكن الآزفة لم تزف، وقوى الأستكبار العالمي التي لطالما صدعت رؤوس العالم بأحاديث الديمقراطية وأرادة الشعوب وحقوق الأنسان، لم تكن قد رتبت أوراقها بشكل يضمن مصالحها، ولذلك وبكل خسة ونذالة سمحت قوات التحالف الغربي الذي كانت تقوده الولايات المتحدة بقمع إنتفاضة الشعب العراقي على يد جيش صدام الذي تركته يمر من بين قطعاتها ، ليصب حمم نيرانه على المدنيين العزل في الناصرية وسوق الشيوخ والبصرة والمدينة والعمارة والمشرح وكل تراب وسط وجنوب العراق...وكل جبال كوردستان... وكنت واحدا من الشهود الذين كانوا في مصطلاها، وفقدت اجنحتي التي أطير بها، أبي وأخوتي وأبناء عمومتي وأحبتي..كثيرين فقدتهم، لكنهم أينعوا مجددا ، و لا تمطر الدنيا بلا رعد..فقد كانوا رعدا والأنتفاضة كانت البرق الذي أدى في نهاية المطاف إلى تجمع سحب الحرية مجددا في نيسان 2003 ليقتنع العالم أجمع وبضمنه قوى الأستكبار نفسها التي سمحت بقمع الشعب العراقي في شعبان/ آذار 1991 م، أن تفاحة صدام قد نخرها السوس وما عاد طعمها سائغا....
4/5/712
https://telegram.me/buratha