بقلم : نائب رئيس الجمهورية الاسبق عادل عبد المهدي
بغياب الاحصاءات وقانون الاحزاب، قد لا يمثل الحزبيون 3-5% من الشعب. وكان مجموع اصوات جميع الاحزاب الفائزة بمقاعد برلمانية حوالي 35% من العدد الاجمالي للناخبين.. فالفوز بالانتخابات -مع تنامي مرض الانفصام- لا يعني حكم الشعب، بل قد يؤسس لتسلط واحتكار مجموعة قوى، تقنن من جديد استلاب ارادة الشعب والحكم باسمه.
مارس "المجلس الاعلى" و"التيار الصدري" تجربة الانتخابات التمهيدية في 2010. والتجربتان لهما فضل المبادرة، لكنهما تجربتان بدائيتان تخللتهما الكثير من النواقص والمآخذ. وعليه قام "التيار" مؤخراً بتجربة جديدة بعد ادخال اصلاحات كاستخدام بصمة الابهام وزيادة عدد المراكز.. ودرس "المجلس" تجربته السابقة واخطائها.. ويتجه للتعويض عنها بما يسميه "المؤتمرات الانتخابية".. اي شيء شبيه بالتجربة الامريكية، مع فارق المقارنة.. فالممارستان تسعيان للعودة للجمهور.. ومحاربة الفرض والاستعلاء والتقوقع، ولو محاولة.. ولتأسيس تربية قد تساهم بمنع مرض الانفصام.. كخطوة لكسر احتكار المنتمين للمواقع.. لتنفتح -ولو جزئياً- على كفاءات الجمهور وتزكياته.. لايصال افضل المتيسر لمواقع التشريع والمسؤولية.. التي يعتمد عليها النجاح والفشل.قد لا تنجح هذه الممارسات بتحقيق النتائج المطلوبة فوراً.. لكن الاستمرار عليها وتطويرها قد يساهمان بتطوير اساليب عمل النظام.. خصوصا اذا ما عممت بقية القوى هذه الممارسات.. وتم تطوير النظام الانتخابي ليحابي ارادة الجمهور قبل الاحزاب..
ولتتجاوز الاخيرة موروثات المعارضة القائمة على الانغلاق والعصبوية والسرية.. والتي نقلتها الى المجتمع والدولة. ولتحجز هذه الممارسات الانتخابية بالجمهور نفسه عقلية القرارات الفوقية التي تقود الى حياة حزبية منفصلة عن الواقع والناخبين.. والتي نتيجتها تأسيس الاحزاب (او بعضها) احتكاراً وانفصاماً سياسياً واجتماعياً، قد لا يقل سوءاً عن احتكار الحزب الواحد. فاذا كان الاخير يقمع الحريات ويؤسس للدكتاتورية.. فان الاخر يؤسس للفوضى وتراجع المصالح والاعمال، بسبب المحاصصة والتعطيل المتبادل.. التي ازداد تركيز اهتمامها على الموقع والتسويات الفوقية، متناسية الشعب ومصالحه ومستقبله.. وحيث سيرسخ "كارتل" احزاب معينة لنفسه السلطة.. يتقاسمها ويتوارثها دون حاجة لتجديد بناه وقياداته وكوادره ومناهجه.. ودون مراقبة، ومساهمة الشعب الجدية. فما دامت الاحزاب قادرة على البقاء بمنأى عن العقاب، بسبب ممارسات واليات وقوانين ظاهرها صحيح ومضامينها عليلة.. وما دام الناخبون لا يملكون صوتاً اولياً وصوتاً حاسماً نهائياً، فستتراجع المشاركة، والخيار بين الحسن والاحسن.. لمصلحة التغيب، والاختيار بين السيء والاسوأ.
https://telegram.me/buratha