لطيف عبد سالم العكيلي
على الرغم من اتساع دائرة شعارات المطالبة بحقوق المرأة العربية وتنوع مصادرها الفكرية والانسانية والاقتصادية ،فان ما ظهر على سطح الواقع من برامج تنحى باتجاه تطبيقات تكفل حريتها ،وتسهم بصيانة حقوقها ماتزال معالمها حتى بإطارها النظري تدور في فلك التصحر الثقافي والعبث الفكري غير المستند الى حيثيات الواقع الاجتماعي ،وما افرزه من تداعيات تنذر بوقوع كثير من دعاة حرية المرأة تحت تأثير النفاق الاجتماعي الذي يستمد ديمومة فاعليته من مجموعة الرواسب والعقد التي تنوء تحت وطء خطورة اثارها المجتمعات العربية .اذ لا يمكن للمرأة العربية التي ما فتحت عينها منذ مئات السنين الاعلى مجتمع متجذر السلطة الذكورية ، ان تعول على ما يقام من مؤتمرات وندوات وغيرها من الفعاليات التي تستظل بشعارات براقة تتمحور حول حقوقها الانسانية ، و(مساواتها بأخيها الرجل ) من دون الحديث عن الاطر العملية الداعمة لترسيخ مفهوم العدالة التي كفلتها الشرائع السماوية واكدتها كثير من القوانين الوضعية والتي يغيب معناها عن كثير من النساء. إذ ان اغلب النشاطات التي ظاهرها المناداة بحرية المرأة ،لا تتعدى غايات من يتبنى اقامتها حدود الكسب المادي والدعائي ،ما يجعلنا نتيقن من ضرورة امتلاك من يتبنى موضوع المرأة مصداقية الغاية التي تفرض عليه وعيا يؤهله التعرف على حقيقة مشكلات المرأة العربية وما تعانيه من اذلال سلطة المجتمع الذكوري الذي يعيش هو الاخر مشكلات معقدة تتوافق مع آثام السياسة واستبداد الحكام في مجتمعات يعد التخلف ابرز سماتها .ان الخوض في قضية المرأة العربية والبحث في مشكلاتها ينبغي ان يشكل احدى اولويات الاجندات الخاصة بالقيادات الادارية المعنية بمهمة التغيير في البلدان العربية ،بوصفه من الوجوه المهمة لممارسة الفرد حقوقه الشخصية التي يمكن استثمارها بوعي وتوظيفها صوب المساهمة الفاعلة في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية . ما يملي على هذه القيادات ممارسة دورها الايجابي في مهمة اعداد الخطط الاستراتيجية التي بوسعها الاسهام في التأسيس لمشروعات خاصة بــ ( تمكين المرأة ) وتأهيلها للعب دور فاعل في بناء المجتمع .ان اضمحلال وعي المرأة العربية بمشروعية حقوقها وانقيادها الاعمى خلف رؤى وتوجهات غير مجدية مثلما تروج له كثير من الجهات التي قد تكون غير مؤمنة بقضايا المرأة يفضي الى اعاقة قدرتها على مهمة اثبات وجودها ، اضافة الى التسبب في اسهامها بتعميق مشكلاتها وتهميش دورها المفترض في عملية البناء الاجتماعي ،ما يتطلب منها النظر الى معاناتها بشكل موضوعي يمكنها من القدرة على التمييز ...في امان الله اغاتي .
https://telegram.me/buratha