ونحن بصدد القيام بمراجعة مفترضة لواقعنا السياسي تؤدي الى الإصلاح، نشير الى دور المعارضة البرلمانية في بناء العملية السياسية، ففي الأنظمة البرلمانية الرصينة تعتبر المعارضة البرلمانية أحد الأركان الأساسية لها، لكونها تقوم بدور المراقب للأداء الحكومي، ولا تتأتى لها هذه المراقبة إلا إذا اعترف لها الدستور بحزمة من الحقوق في المجال الرقابي والتشريعي..وفي التجارب الدستورية التي عرفتها دول عديدة طيلة ما يقارب النصف قرن الفائت، عُرفت حقوق المعارضة البرلمانية من طرف المشرع الدستوري في العديد من الدول. وعلى فهم منطقي لضرورة ديناميكية العملية السياسية، جرت عمليات تشريعية لتقوية دور المعارضة البرلمانية، كحقها في استجواب الحكومة ومساءلتها، ومراعاة حقوقها البرلمانية في مجال المراقبة والتشريع.. فهل استجاب دستورنا الحالي لهذه المتطلبات الضرورية؟ أم أن فيه ما يقف حائلا دون ظهور معارضة برلمانية حقيقة؟ وإذا كان الدستور الحالي قد ضمن كما يقول مشرعيه قدرا كبيرا من الوسائل لظهور معارضة؟ فهل عمل المشرع الدستوري على تقوية هذه الوسائل الرقابية للمعارضة، أم عمل على إضعافها؟ وهل عزز الدور التشريعي للمعارضة أم حد منه؟ وهل مكانة المعارضة البرلمانية في الدستور الحالي تسمو على مكانتها في دساتير الأنظمة الديمقراطية الأخرى! وهل هي توازي نظيراتها في بعض الدساتير المقارنة؟ وهل المهندس الذي بنى معمارية دستورنا كان يرمي حقا لخلق معارضة حقيقية يسمو بمكانتها في البرلمان، أم اعتبرها كفسيفساء لتزيين واجهة الهندسة الدستورية للدستور؟ أم أن ما موجود عندنا مجرد توازن دائم حكمته طبيعة مجتمعنا، ويعين علينا قبوله أبدا لأنه قدرنا المحتوم؟! ونحن نتابع الأسئلة التي لا تنتهي فإن الحصيلة التي بين أيدينا، هي أن الأصوات المعارضة برلمانيا تحولت الى إلى نمر من ورق بمخالب من "كارتون" لا يقوى لا على مراقبة الأداء الحكومي ،ولا على محاسبته...الذي نراه أن المعارضة ليست شرا لا بد منه، وهي ضرورة محسومة لبناء دولة مؤسسات حقيقية، والمعارضة البرلمانية هي الوجه الأكثر أشراقا حضاريا، والأكثر إنتاجية عمليا، ويجب أن تتشكل وفقا لأطر مصانة تشريعيا، حتى تكون فاعلة منتجة لسانها طويل ويدها أيضا طويلة! وكل هذا يجب أن يتم مع عدم أغفال حق المعارضة خارج البرلمان أيضا، والتي يتعين هي الأخرى أحترامها سيما أذا مارست معارضتها بأساليب لا تظر المجتمع ولا تهدد أمنه ولا تسعى الى هدم السلم الأجتماعي..
كلام قبل السلام: يقول المثل الأسباني : اللسان الطويــــل .. دلالة على اليد القصيرة!!!. سلام...
39/5/708
https://telegram.me/buratha