هادي ندا المالكي
يحدث دائماً أن ينقسم الخصوم السياسيين في المجتمعات الديمقراطية الحقيقية إلى فريقين، فريق مع وفريق بالضد دون أن تصل الأمور بينهم الى حد القذف والتشهير والتجاوز واختلاق الأكاذيب، ثم تحل المشكلة بطريقة ما ويعود الجميع الى العمل والتفاني في خدة أبناء بلدانهم دون أن يترك هذا الخلاف أثراً في طبيعة التعامل، ودون ان ينحاز هذا الطرف إلى ذاك بطريقة مفضوحة يجر بعدها أذيال الحسرة والخذلان بعد ان يعود المتخاصمون الى نقطة الالتقاء من جديد.ومثل هذا الامر يحدث في الديمقراطيات الحديثة والناشئة والمشوهة كما هو في العراق الذي يعيش ديمقراطية هشة تتكالب عليها الديكتاتورية من جانب، والاصطفافات الحزبية والطائفية والشخصية من جانب آخر، وسط صوت للتعقل يدعو الأطراف إلى طاولة الحوار وتقديم التنازلات والالتزام بالدستور والاتفاقيات التي لا تتعارض مع الدستور، بعد أن يتم تفكيك الازمة وتشخيص مكامن الخلل فيها بدقة ووضع الحلول الصحيحة والمعالجات السريعة، وإلى هنا يفترض أن تتوزع الأدوار بين الفرقاء السياسيين، فبين أصوات الخصماء لا بُدَّ من وجود صوت للتعقل، لكن أن ينبري صوت ليشعل فتيل الأزمة ويمد في انتشار حرائقها منحازاً لطرف على طرف آخر بصورة فاضحة، فهذا ما لا يمكن تفسيره إلا وفق حسابات البيع والشراء... بيع المواقف.. وشراء الذمم.ولا يمكن بأي حالٍ من الأحوال تفسير مواقف الكتلة البيضاء المنحازة بشكل كبير الى صف ديكتاتورية المالكي وبطريقة مفضوحة تفوق حتى مواقف المالكي نفسه وصقوره من أمثال الشابندر والعسكري والعلاق ومجيد وغيرهم في حدة وشدة لهجة التصريحات التي تصب الزيت على النار في مواقف يفترض ان تنتهج نهج التهدئة والابتعاد عن التصعيد والركون الى تضييق الهوة بين الفرقاء السياسيين وتقريب وجهات النظر والمساهمة بوضع الحلول والضغط باتجاه الجلوس إلى طاولة الحوار.وطوال الفترة الماضية والتي أعقبت نشوب الأزمة السياسية بين فريق أربيل الثلاثي من جهة وفريق المالكي من جهة أخرى، برز فريق الكتلة البيضاء كطرف منحاز بشكل كبير إلى طرف الحكومة المتخمة بمليارات الدولارات والمناصب والهبات والمنح والعطايا، وهو موقف يجعلها تحصل على كنوز قارون وعجل السامري على خلاف موقفها لو كان على النقيض من ذلك في زمن علا فيه صوت المصالح الحزبية والشخصية وتلاشى فيه صوت البناء والاعمار وخدمة أبناء الشعب العراقي.وكنا نعتقد ان بعض النواب المحسوبين على الكتلة البيضاء لديهم مشاغل وملفات خاصة يديرونها بانتظام وبتوجيه دقيق كلما دعت الضرورة الى ذلك، وكنا نعتقد ان النائبة عالية نصيف مشغولة بملف الكويت وإطلاق التصريحات النارية في قضية ليست من اختصاصها وسعيها لضم المحافظة التاسعة عشرة الى البلد الأم سيشغلها عن الخلافات المتصاعدة بين اربيل وبغداد إلا ان نصيف أثبتت إنها امرأة من حديد وبإمكانها ان تشعل الحرائق في كل مكان.
https://telegram.me/buratha