هادي ندا المالكي
مرةً أخرى تعود دولة القانون إلى طرح موضوع اعمار العراق من خلال آلية الدفع بالآجل بحجة ان إعمار العراق يحتاج إلى مبالغ إستثنائية وشركات عالمية كبرى، وان المبالغ التي تخصص في الموازنات المالية الحالية لا تفي بالغرض، كما ان الشركات التي تعمل حالياً في العراق غير مهيأة للنهوض بهذه المهمة العسيرة وإعادة تأهيل البنى التحتية وبناء الوحدات السكنية وشبكة الطرق العنكبوتية والموانئ والمطارات وناطحات السحاب والوصول إلى الفضاء.ومن الواضح أن العنوان العام لمبرّرات دولة القانون لإستقدام الشركات الأجنبية والعمل في العراق وإنجاز المشاريع المهمة والعملاقة والإستراتيجية، دون أن يدفع العراق أي مبلغ الا بعد اتمام هذه المشاريع امر منطقي ويدعو الى الموافقة دون الخوض في التفاصيل، الا ان هذه المبررات تجد من يقف في وجهها بقوة ودون تردد وكما حدث في الدورة الانتخابية السابقة وبين هؤلاء وهؤلاء تطرح جملة من التساؤلات التي تشكك في توجهات أصحاب الدفع بالآجل.وقبل ان نخوض في أسباب الرفض من قبل بعض الكتل السياسية لمبدأ الدفع بالآجل يتهم هؤلاء دولة القانون بالسعي إلى طرح هذا الموضوع مع قرب موسم الانتخابات واتخاذه ذريعة في تحميل الرافضين مسؤولية فشل الدّولة في تقديم الخدمات أو البدء بإعادة إعمار العراق، بينما تتجسد الحقيقة في فشل الدولة وعدم قدرتها على إدارة الملفات المهمة بسبب غياب التخطيط والرؤية الصحيحة وتفشي الفساد المالي والإداري.وعودٌ على بدء، فإن رفض بعض الكتل السياسية لمشروع الإعمار بالآجل مرده هو ان هذا المشروع سيكلف موازنة الدولة أموال طائلة ستستفاد منها الشركات الرأسمالية، وستبقى الأجيال القادمة تدفع هذا الثمن الباهض الى ما لانهاية هذا أوّلاً، وثانياً ان المشكلة ليست في شحة الأموال والدليل هو ان معظم الوزارات والحكومات المحلية تعجز عن صرف كل موازناته السنوية وتضطر الى اعادة القسم الكبير منه وهو ما يطلق عليه المبالغ المدورة، وثالثاً ان على الدولة التركيز على قطاع النفط والغاز وزيادة الاستثمار الذي من شأنه أن يؤدي الى زيادة الأموال العراقية وبالتالي استثمار هذه الاموال في الدفع العاجل الذي لا يكلف الموازنة العراقية أموال اضافية مضاعفة تدفع كضرائب للشركات العملاقة والاهم من هذا هو ان التعويل على انتاج النفط لسداد شركات الدفع الآجل امر قد يؤدي الى خسائر مضاعفة فيما لو تراجعت أسعار النفط.إن اعتراض البعض على الدفع بالآجل أمر منطقي لأنه ليس من الصحيح بيع مستقبل شعب بحاضر يمكن شرائه بقليل من الصبر والعمل والدفع العاجل ونظافة اليد.أتمنى أن يكون البرلمان بمستوى المسؤولية ولا يرهن مستقبل الأجيال العراقية بفكرة طارئة لأن الحكمة تقول"وما عاقل باع الوجود بدين".
https://telegram.me/buratha