سماحة السيد حسين السيد محمد هادي الصدر
أين الأبرار من الأشرار ؟قال ابو سعيد المخزومي :وإني لصبّارٌ على ما ينوبني وحسبك أنَّ الله أثنى على الصبرِولستُ بنظّار الى جانب الغنى اذا كانت العلياء في جانب الفقرِانهم كان يصبرون على على النوائب ، وحسبهم ما أعد الله للصابرين ، فالصبر هو الثبات بوجه الضغوط والأعاصير ...وانهم لم يكونوا يتوقون الى الغنى ، متى ما كانت الوسائل الموصله اليه مشبوهة ، مشوبة ، فالتمسكُ بالدين والأخلاق ،وصيانة السمعة هما سيدا الحلول على الأطلاق .....وانهم كانوا يؤثرون الفقر على الغنى، متى ما كان يضمن لهم الحفاظ على ثوابتهم الدينيه والوطنيه والأخلاقيه .هكذا كان الأبرار من الرجال .أما في العراق الجديد ،فقد ظهرت طبقة جديدة لم تكن تُعرف الاّ بمعاناة الضيق ، وشظف العيش ، والحرمان من متع الحياة ، والاصطلاء بنيران الفاقة والحاجة .لم يكن أحدهم يملك القدرة على ارتداء الثياب المناسبة ، التي تظهره بشكل مقبول ، ناهيك عن سائر الحاجات الضروريه الأخرى وفجأة ، وبسرعة فائقة ، تحوّل هؤلاء المرهقون بالأعباء ، الى زمرةٍ من كبار الأثرياء .والسؤال الآن :كيف تم ذلك ، وما هي الوسائل التي أوصلتهم الى نادي أصحاب الملايين؟!!ان الانتقال من خندق الفقراء الى خندق الاغنياء ،لا غبار عليه متى ما استند الى الكسب المشروع ، ولكن حين يأتي من خلال الاستغلال للمنصب ، وابتزاز الناس ، والسطو على المال العام بالغارات المُنكرة ، والحيل المدبّره ، والعقود الوهميه ، والعمولات الكبرى ، فانه ليس الاّ الجريمه النكراء بحق الوطن والمواطنين ، والخيانة للأمانه ، والخروج على القيم والضوابط الدينيه والاخلاقيه والسياسيه والقانونيه والانسانيه والحضارية بأسرها كتب شاعر لبناني يتسائل عن مصدر ثروة أحدهم فقال :يا مدير الاقتصاد الوطني دُلنَّي من أين أصبحتَ غني ؟ لَمْ تهاجرْ لم تتاجرْ لمْ ترثْ من أبيك الفــــــذ غير الرَسَنِ لو قضى والدكُم فيما مضى غُرّمتْ بلـــــــــدتُكم بالكَفَنِان اسباب الثروة حصراً هي :الهجره الى الخارج والعمل من أجل تجميع الثروة وهذا ما لم يحصل التجارة وممارسة الأعمال الحّرة ، والتي تعود على أصحابها بالربح الوفير وهذا ما لم يحصل ايضاًالميراث : بأن تصل اليه الأموال عن طريق الأرث ومن أين له ان يرث من أبيه شيئاً ، وهو المنهك المحروم ؟فلم يبق الا طريق واحدٌ وهو طريق الرشوة والاختلاس ، والسطو على المال العام .وهذا ما يدخله في قوائم المجرمين الفاسدين المفسدين المنبوذين ان الشاعر أمْعَنَ في تقريع المختلس حين قال له :ان أباك لو كان قد مات قبل ان تتولى المنصب ، لجُمِع ثمن كفنه وتجهيزه من أهل بلدته ،في إشارة الى الفقر المدقع الذي كان يلف أباه وأهله .أقول : ومثل هذا اللبناني ، الذي انتقل به الحال من (فقير ) بامتياز ، الى (أمير)يعيش في بحبوحةٍ ليس لها نظير ، كثيرون ، لاسيما في العراق الجديد، المُبتلى بعصابات متمرسة بالنهب والقرصنه ، دونما خشيه أو خوف من أحد ..!!ولعلَّ خير ما نختتم به هذه المقاله ، هو الحديث الشريف المرويّ عن الرسول الأعظم (ص) :{ لايعجبنك امرؤٌ كسب مالاً حراماً فأنه ان أنفق لم يتقبل منه ، وإنْ امسك لم يبارك فيه ، وانْ مات وَتَرَكهُ كان زاده الى النار }وهكذا يُسهم هذا الحديث في بناء ثقافة النزاهة، التي لابد ان نعمل على اشاعتها في المجتمع ، بعد انْ ابتلى بالكثير من الأدران ، ونسيان ما ينتظر السُراّق من النيران ...!!!والمهم أنَّ المتأمل في هذا الحديث الشريف يجد أنَّ حيازة المال الحرام ، ماهي في الحقيقه الاّ حيازة للألغام القابله للأنفجار في أية لحظه .ان المال الحرام ، حتى لو أنفق في أفضل الطاعات والمشاريع النافعه فانّه ليس مقبولاً ، ذلك أنه سبحانه انما يتقبل من المتقين ،واين السراق منهم ؟!!وإنْ بقي تحت اليد محفوظاً مصانا دون تصرف،فلا بركة فيه ولا خير ...انه بالتأكيد وبال على صاحبه اللعين وان استمرتْ الحيازة حتى الوفاة ، فان هذا المال الحرام سيكون زاد صاحبه الى قعر الجحيم ...!!!ولا أظن عاقلاً يرضى لنفسه هذه المغامرة الحمقاء ،حيث أنه ليس ثمة من مخرج للنجاة مع هذه المغامرات والجنايات ....
https://telegram.me/buratha