سعيد ألبدري
قد يتراءى للبعض من رواد الأزمة والمطبلين لها أن الحلول التي يتحدثون عنها أفكار عبقرية أنتجتها قدراتهم السحرية وجهودهم الذاتية فراحوا يتحدثون عن أمور باتت في قرارة أنفسهم من المسلمات، كونهم الأقدر على تسييرها وجعلها أمر قابل للتحقيق من غيرهم ومنها عملية إجراء الانتخابات المبكرة ولا شك ان الذهاب إلى الانتخابات المبكرة وحل مجلس النواب وتحويل الحكومة الحالية إلى حكومة تصريف أعمال يحتاج إلى دراسة واقعية لظروف البلاد، متشدقين بأعذار واهية من كون هذه الخطوة دستورية ولا جدال فيها متناسين أنهم ضربوا الدستور عشرات المرات في غير هذا الموضع وكان هذه الوثيقة المسكينة التي يصرون على إقحامها في نزاعاتهم كلما اشتهت أنفسهم فصلت على مقاساتهم ووضعت لتلبية رغباتهم لا غير, وعلى الرغم من ان طرح مثل هذا الأمر وجعله واقعاً يخدم بلا أدنى شك بعض القوى الوطنية المخلصة كالمجلس الأعلى الإسلاميّ الذي رفض ان يكون تابعاً لشخص ومزاج سياسي معين وشركاء في اتفاق يعتقدون ان خيانة للشعب كاتفاق أربيل، إلا أنّ المجلس يرفض من حيث المبدأ في الوقت الحاضر ان يكون إجراء هذه الانتخابات بديلاً عن الحوار المؤدي لحلول معقولة، فعملية مثل هذه محفوفة بالمخاطر سيما وان مفوضية الانتخابات تؤكد عدم قدرتها على إجراء انتخابات مجالس المحافظات قبل عشرة أشهر من الآن لأسباب فنية ومالية ولوجستية مما يجعل اللجوء إلى مثل هذا الخيار ضربا من ضروب العبث، وينذر ان تم اللجوء إليه إلى جر الشارع وتحشيده باتجاه الانقسام على متبنياته الطائفية ومنطلقاته التي قد تستغل من هذا الطرف او ذاك، كما ان الأمر ليس بالبساطة التي يصورها هؤلاء في الوقت الراهن على الأقل ان اللجوء إلى خيارات أخرى كالحوارات والمحادثات بين كافة الفرقاء السياسيين واتخاذها طريقاً لحل الأزمة هو الحل الأمثل وان استنفذت المحادثات أهدافها عند ذاك لابدّ من ان تكون هناك متبنيات اقل حدة تسهم في رأب الصدع وتضع الجميع أمام مسؤولية تاريخية تجاه التزاماتهم بما قطعوه من وعود تجاه الشعب وهنا نعتقد ان الذين يريدون الذهاب إلى الانتخابات المبكرة لإنهاء الأزمة السياسيّة الحالية لم يحسبوا الأمور بحسبة بسيطة لنظرتهم تجاه هذا الحل وتؤكد في الوقت ذاته عجزهم عن الاتفاق على إمضاء تشريعات وقوانين تؤدي إلى تحقيق هذا الغرض خصوصاً مع علمنا أنهم لم يتمكنوا حتى الآن من تشريع قانون الانتخابات وتعديلاته وقانون الأحزاب، لذلك فهم لم يريدوا أن تكون الحلول مكتملة ليلجئوا إلى الترقيع والتوافقات الكتلوية التي تخدم مصالح من هم بالسلطة الآن، بينما تهمل حقوق بقية القوى وجماهيرها بعد القيام بمثل هذه المحاصصات الجائرة كما ان ذلك يكشف بلا أدنى شك أنهم يريدون ان تستمر الأزمة الى أطول فترة ممكنة ليتمكنوا من تمرير غاياتهم وسط حالة الفوضى التي ينشرونها في كل مفاصل الدولة العراقية، مما يعني أنهم لم يضعوا حلول الأزمة الراهنة في أعلى سلم أولوياتهم والغريب في نظرتهم الحالية هو غرورهم السياسي وتأكيداتهم الكارتونية التي يعولون عليها في امتلاكهم الساحة متباهين بقدرتهم الخرافية على اجتياح المنافسين في وقت ان الحسابات الحقيقية التي يجب ان يحسبوها ليست كم يكسبون من أصوات الناخبين حتى حلول موعد الانتخابات بل كم خسروا وتراجعوا بفعل استمرار الأزمة كونها ولدت إحباطاً متنامياً في الأوساط الشعبية التي بدأت تردد بقوة (شوكت نخلص من عدكم).
https://telegram.me/buratha